بهاء ابوشقة : المجددون فى الفكر الدينى

نقلا عن صحيفة الوفد
فى إطار الحديث عن تجديد الخطاب الدينى، والمؤتمر الذى عقده الأزهر الشريف فى هذا الشأن، لا بد من القول إنه مخطئ من يظن أن تجديد الخطاب الدينى هو تغيير الثوابت والأصول، فكما يعلم الجميع أن العلماء والفقهاء يقصدون بالتجديد تحديث وسائل الدعوة وبيان الحكم فى النوازل المستجدة، وأن التجديد هو تبيين السنة السمحة من البدع، وأن المجددين هم أهل العلم خاصة، والمعروف أن القصد من التجديد هو إصلاح الفكر الدينى لدى الأمة، وتوعيتها بدينها الحق وشرح الأحكام بطريقة صحيحة.

وكما قلت فإن الخطاب الدينى غير قائم على العشوائية ومن هنا تأتى أهمية مواكبة العصر، وتجنب التشدد فى الأسلوب أو المضمون الخطابى حتى لا يتغلغل فى نفوس الناس.

وأهمية التجديد فى الخطاب الدينى نابعة من الرغبة الحقيقية فى القضاء على العادات السيئة التى يتمسك بها المسلمون، ولا يجوز للأئمة استخدام مفردات فى اللغة قديمة تجاوزت مئات السنين، وعلى هذا الأساس لا ينبغى أن يظل الخطاب الدينى مقتصراً على دائرة الترهيب والتخويف فى الوقت الذى يعد فيه الدين الإسلامى رحمة للعالمين أجمعين، ومؤسسة الأزهر وعلى رأسها فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، يؤمنون بأن الفترات الراهنة تشهد تكريساً واضحاً من أجل النهوض بالخطاب العصرى الداعى للتعارف والتعاون والاهتمام بقضايا الناس وهمومهم.

ولذا كان الاهتمام بقضايا المرأة والتركيز على القيم والأخلاق فى رعاية حقوقها، والارتقاء بمبادئ العمل والعلم، واستثمار الوقت والحوار مع الآخر ومواجهة الإدمان والحفاظ على البيئة وإحياء النفوس بالأمل فى إطار الاهتمام بتكوين شخصية الفرد التى تتواكب مع متطلبات العصر حتى تستعيد الأمة مكانتها اللائقة، بعد تراجع ظاهر بشكل لافت للنظر.. والانطلاق نحو تجديد الخطاب الدينى، يبدأ فى نظر الباحث من خلال التركيز على عدد من المحاور ويتصدرها النقد الذاتى للخطاب، والعمل على معالجة نقاط الضعف فى المضمون والأسلوب الحوارى باعتباره لغة التواصل الحقيقى مع الناس.

ويتوجب على الخطاب الدينى الاتصاف والاتسام بروح العصر الذى نحياه، وتحديد أنواع هذا الخطاب، وكيفية استثماره فى الالتقاء بالمثقفين ومخاطبة الآخر خاصة الناطقين بغير العربية، والوقوف على أهم وأبرز التحديات التى تواجه الخطاب الدينى.