رسائل الله .. طوق النجاه

بقلم / الحسانين محمد :

تعودنا أن لا نتدبر رسائل الله لنا إلا إذا “أزفت الآزفة”، مثل الكوارث الطبيعية بزلزال مباغت أو رحيل مبكر ومفاجئ لأحد أقاربنا أو أصدقائنا، أو تعرضنا لمرض أوحادث أليم أنجانا الله منه بلطف قدره لنا ، ووقتها فقط نعاهد الله الطاعة والصراط المستقيم وأن لا نعصاه سرا أوجهرا امتنانا لفضله الذي نجانا واستعدادا لرحيل قد يكون مفاجئا مثل الرسالة التي تلقيناها في من سبقونا إلي رحابه وربما لم يكونوا قد استعدوا للقاء مثلنا، الأعجب في أمرنا أن عزيمة عهدنا هذه مع الله، تتبخر وتذوب في صراعات الحياة وملذاتها وشهواتها وكبدها أيضا، ويطول زمن هذا الذوبان والنسيان للعهد أو يقصر حسب ما وقر في القلب من طاقة إيمانية، وحسب عزائمنا في ترويض الجوارح علي العمل دائما لدعم هذه الطاقة وشحنها روحيا من محطة طاقة نفسنا القوامة.

وقد كانت رسالة الله في الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا مؤخرا وتوابعها، والتي خلفت آلافا يصعب حصرها من الضحايا والمصابين لتذكرنا بيوم الفزع الأكبر،وبأن الموت والانتقال إلي رحاب الله قد يكون أقرب من حبل الوريد ونحن في غفلتنا مغيبون، وتصور لنا الفيديوهات والصور مولود يولد تحت الأنقاض وتموت والدته، وأب يحتضن طفله الحضن الأخير ليرحلا سويا ويجمعهما الله في نعيم جناته بما صدقوا في ماعاهدوا الله عليه، وناجون بفضل الله ورحمته يخرجون أحياء من تحت الأنقاض بعد ثلاثة أيام، فإذا تدبرنا أحوال ضحايا الزلازل سنجد أن الغالبية منهم ناموا وفي أجندة حياتهم الكثير من الأعمال في الصباح والأيام بل والأعوام التالية، ولم يكن في خلدهم أبدا أنهم لن يصحون إلا في نعيم أو جحيم الآخرة، وعلي نياتهم وأعمالهم يبعثون، ومرة أخري يخطفنا هول الفاجعة لنجدد عهد الطاعة مع الله، ثم سرعان ما تأخذنا نفسنا الأمارة بالسوء للاطمئنان للحياة وتقول لنا مازال هناك الكثير لنعيشه ونستمتع به، ومازال في العمر متسع للخطيئة والذنوب وقبل أن نعود إلي الله نتوب، والحمد لله نعيش بعيدا عن هذه الكوارث!!!!.

رسائل الله في فاجعة الزلازل كثيرة لمن يتدبر،وهي طوق النجاة، ففي لحظة جبر الله كسر الضعفاء من سكان المخيمات الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ليعلموا أن المحنة التي ابتلاهم الله بها بتهجيرهم وتشريدهم من منازلهم ، كانت منحة نجاتهم من هذا الهلاك المحقق، فكانت المخيمات وقت الزلازل في سوريا وتركيا أكثر الأماكن أمانا من المنازل التي تحولت إلي مقابر جماعية لمن فيها والله ينجي من يشاء، ورسالة الله لهم ولنا:” ياعبادي أنتم لاتعلمون من أين ستأتي رحمتي ومن أين سيأتي عذابي وعقابي، فقد ابتليتكم لأنجيكم أفلا تتدبرون ؟؟ ،والأعجب أن بعض الأصدقاء يتشاءمون ويكرهون تذكيري لهم بالموت وآياته في القرآن الكريم، ويتهمونني بالتشاؤم، مع أنني أري أن تذكر الموت دائما هو عين التفاؤل واستشعار الحياة، لأنه كما بذكر الله تطمئن القلوب فبذكرالموت أيضا نصلح فساد قلوبنا ونتوب،ونتذكر دائما أن الحياة قصيرة وقد يفاجئنا الغروب ونحن منغمسون في الذنوب ولا نجد من الموت مفرا أو هروب ، فاللهم أصلح سرائرنا وفساد قلوبنا وارزقنا توبة لا نضل بعدها أبدا ولا تقبضنا إلا وأنت راض عنا ياغفور يارحيم.