قامة أم كلثوم.. الخلود يليق بك

قامة أم كلثوم.. الخلود يليق بك

إبراهيم شعبان
لم تكن التصريحات المسيئة، التي صدرت عن عضو باتحاد الكتاب، بحق أم كلثوم جارحة ومسيئة لمئات الملايين من عشاق صوت أم كلثوم فقط، ولكنها كانت مسيئة لفن عربي أصيل قدمته أم كلثوم على مدار أكثر من نصف قرن، فسطرت بصوتها وموهبتها الفذة، أروع الأغاني وأكثرها خلودًا عبر التاريخ.

في نفس الوقت، فإن الإساءات والتصريحات، التي اعتذر عنها صاحبها فيما بعد, وأثارت ولا تزال ضجة هائلة، تصريحات “مختلقة” لم يقلها أحد في حياة أم كلثوم ولا بعدها فالجميع كانوا يقفون أمام صوتها الذي وصف بأنه قطعة من السماء، بكثير من الخشوع والمتعة.

فأم كلثوم، هى التي غنت “نهج البردة” وأنت عمري، وطوف وشوف وشمس الأصيل وحق بلادك، ومصر التي في خاطري ومصر تتحدث عن نفسها، وراجعين بقوة السلاح، وبالسلام إحنا بدينا، وعلى باب مصر ومجموعة من الأغاني الرومانسية الرائعة، حب إيه وأنا وإنت ظلمنا الحب، ويا مسهرني وألف ليلة وليلة، والحب كله وعشرات من الأغاني التي حفظت للفن المصري قامته وقيمته طوال القرن العشرين والـ21.

أم كلثوم، هى صوت الخلود في الغناء العربي، وللأسف التطاول عليها، لا ينقص من قدرها شىء، ولكنه يجرح مئات الملايين من عشاق صوتها في مصر والعالم العربي. فلم تطل قامة غنائية مصرية قامة أم كلثوم وكوكب الشرق، هى نور الأغنية المصرية وفؤادها في القرن العشرين وبعده. علاوة على أن كثير من مواقفها الوطنية الخالدة، بعد نكسة 1967، أثبتت كيف كان الالتفاف هادرًا حول صوت أم كلثوم، وكيف قامت بإحياء الكثير من الحفلات في الخارج لدعم المجهود الحربي لمصر في أعقاب الهزيمة، وكانت تذهب إيرادات حفلاتها بالكامل للاستعداد للحرب من جديد وإزالة وجه العدوان. فقد جابت السيدة أم كلثوم الوطن العربي، وقدمت حفلات في تونس والمغرب والسودان ولبنان وليبيا والبحرين والعراق وحفلات في باريس والاتحاد السوفيتي وغيرهما لصالح مصر.

كما يحسب لأم كلثوم، إنه بظهورها على الساحة الفنية، تغير شكل الغناء العربي منذ عشرينيات القرن الماضي، فأم كلثوم كانت مثالا لأغنية رومانسية راقية بصوت ذهبي، ندر أن يوجد ثانية أو يتكرر، في نفس الوقت ظهر مجموعة من كبار الشعراء والملحنين سجلوا معها تاريخا عطرا من الفن أمثال، محمد القصبجي ورياض السنباطي وأبو العلا محمد وزكريا أحمد وبليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب، وسيد مكاوي وشعراء عظام منهم أحمد رامي وأحمد شفيق كامل وأمير الشعراء أحمد شوقي ومرسي جميل عزيز ومأمون الشناوي وحافظ ابراهيم وابراهيم ناجي.

مجموعة من شعراء وملحنين عظام حفروا بموهبتهم تاريخا مجيدا من الأغاني والقصائد.

فأم كلثوم، لم تتملق أحد ولكن الجميع كانوا يودون الاقتراب من وهجها، ومن موكب الخلود في الغناء العربي، والشهرة المدوية التي أطبقت العالم العربي.

لذلك فـ قامة أم كلثوم قامة تطال السماء، والاساءة إليها جريمة لا يجب أبدا أن تمر، فأم كلثوم شرف الأغنية المصرية وخلودها وبقاءها عبر الزمن، وهى أكبر رد على الانحطاط الغنائي الذي بُلينا به خلال العقد الأخير. فلا هي أغاني ولا هم مطربون ولكنه انحطاط لفظي ومرئي، وجرائم متكاملة تعف العين أن تنظر إليها والأذن أن تسمعها .

.. الإساءة لأم كلثوم والتطاول عليها، وعلى قامتها فنيا وغنائيا لا يجب أن تمر ولا يجب الصمت أمامها.