فاروق جويدة: أشباح الخوف

فاروق جويدة: أشباح الخوف

من أسوأ الأشياء التى كرهتها فى حياتى الخوف وهو ليس الخوف الذى عبر عنه كاتبنا الكبير ثروت أباظة فى الفيلم الشهير شئ من الخوف ولكن الخوف أنواع هناك ما نراه وهناك أيضا مالا نراه وهناك ما يخفيه القدر..

 

كلنا نخاف المرض وهو زائر لا احد يدرى من أين يجئ وكيف يجئ ولكنه فى كل الحالات يغير طعم الحياة والأشياء والزمن.. إن المرض من اكبر مصادر الخوف فى حياة الإنسان خاصة انه أحيانا يحمل شواهد النهاية..

 

هناك أيضا مصادر أخرى للخوف.. إن الإنسان يخاف الفقر وكان سيدنا على كرم الله وجهه يقول لو كان الفقر رجلا لقتلته.. والفقر يمثل نقطة ضعف للإنسان.. إذا كان المرض ضعفا للبدن فإن الفقر أسوأ أنواع الحاجة.. والحاجة أن ترى نفسك ضعيفا أمام السؤال ولا تجد من يعينك..والفقر انواع.. هناك فقر المال وهناك فقر الموهبة..

 

وهناك فقر الإرادة.. وفقر المال يجعلك ضعيفا أمام إغراءات سلطان المال.. أما فقر الموهبة فأنت لا تملك فيه شيئا لأن المواهب من صنع الله وإن كان الإنسان قادرا أن ينمى مواهبه وقدراته وكان بيتهوفن يقول اعطنى عشرة فى المائة موهبة وتسعين فى المائة ثقافة واجتهادا أعطيك إنسانا مبدعا..

 

هنا نتوقف عند فقر الإرادة وهى عادة تصيب ضعاف النفوس والكسالى والمترددين لأن الإرادة صناعة بشرية خالصة الشئ الوحيد الذى ينقصها هو التوفيق إلا إنها تحتاج للجهد والعمل والإصرار..

 

نأتى إلى أسوأ مشاعر الخوف وهى الظلم.. انه شبح كئيب قد لا نراه ولكنه يتسلل إلينا فى الظلام فى صورة إنسان.. أو هواجس أو ظنون تحيطنا وتحاصرنا وربما رأيناها حولنا أو سمعنا عنها.. إن الظلم كائن جائر لا يعرف الضمير ولا يؤمن بالآدمية ولا يعترف بأن الإنسان مخلوق فضله الله على كل الأشياء فى الأرض..

 

ولهذا ينفى الخالق سبحانه وتعالى عن نفسه صفة الظلم.. يا عبادى انى حرمت الظلم على نفسى.. وإياكم ودعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب..

 

وكلما طافت خفافيش الخوف فوق رؤوس البشر تجد الخائف من المرض والخائف من الفقر والخائف من الظلم.. واسوأ الحظوظ فى دنيا البشر أن تجد ذلك كله يحاصر إنسانا فيبحث عن المال ويحاول أن يتخلص من المرض ولكن السؤال من يرفع الظلم عن المظلومين.. نقلا عن الاهرام