فاروق جويدة: أكذوبة الزمن الجميل

فاروق جويدة: أكذوبة الزمن الجميل

هل الحنين للماضى جريمة، بعض الناس يكره ما يقال عن الزمن الجميل لأن لكل جيل زمانه، ومن قال إن الزمن الذى نعيشه الآن لا يجد الملايين من عشاقه..

 

إن كثيراً من الشباب يحب موسيقى الشوارع وغناء الشوارع وطعام الشوارع ولغة الشوارع..هناك أجيال تحب ذلك كله فهل نسخر منهم ونحكى لهم دائما قصصا عن زماننا الذى كان جميلا..

 

إن زمانك لم يكن جميلا لأنك ملكت السيارة وأنت على أبواب المعاش وابنك ملك السيارة وهو فى الثانوية العامة وأنت سكنت شقة غرفتين وصالة وابنتك سكنت فيلا فى التجمع الخامس وزوجها ثرى عربى كبير وأنت دخلت جامعة القاهرة بمجموع 60٪ وابنك دخل جامعة خاصة ودفعت 160 ألف جنيه وتخرج منها ولا يستطيع أن يكتب جملة واحدة باللغة العربية وأنت لم تحضر حفلا لسيدة الغناء العربى وكان يومها 50 جنيها وابنك حضر حفلا لاحد المطربين الراقصين ودفع 15الف جنيه سعرا للتذكرة..

 

إن حديثك معه شىء ممل وأنت كل يوم تعيد وتزيد وتتحدث عن الزمن الجميل إن آخر عهدك بالبحر كان فى إحدى كبائن المعمورة استأجرتها ليوم واحد مع الأسرة ولكن ابنتك تسافر مع زوجها إلى شرم الشيخ كل أسبوع لأنه يملك يختا وابنك يسافر إلى الغردقة لصيد السمك مع رفاق السوء كل أسبوع وأنت بدأت حياتك العملية موظفا بسيطا فى وزارة التموين وابنك حتى الآن مازال ينتظر الوظيفة الضخمة مثل أبناء الأكابر..

 

لقد بقى لك عام واحد وتخرج إلى المعاش ويومها يمكن أن تعيش كما تحب مع ذكريات الزمن الجميل ولكن لا تتحدث كثيرا مع أبنائك عن هذا الزمن الجميل، إن آخر اتصال بينك وبين والدك المرحوم كان فى كابينة للمكالمات الخارجية فى ميدان العتبة ولكن ابنك معه أكثر من موبايل وأكثر من أيباد وقد كان حلمك يوما أن تتناول وجبة عشاء عند والدتك فيها البامية والملوخية والسبانخ ولكن أبناءك يحبون السوشى والجمبرى وقد وصل سعره إلى 500 جنيه..

 

كان راتبك حين تزوجت خمسين جنيها وابنك المحظوظ يشترى بهذا المرتب علبة سجائر واحدة..يا صديقى لا تحزن كثيرا على زمانك الجميل واترك كل جيل يعيش زمانه. نقلا عن صحيفة الاهرام