مهزلة في أفغانستان بسبب بايدن

مهزلة في أفغانستان بسبب بايدن

ابراهيم شعبان
القرار المتسرع الذي أصدره الرئيس الأمريكي جو بايدن، بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد 20 سنة من التواجد فيها، هو السبب فيما يحدث الآن، من انهيارات سريعة وسقوط للمحافظات والولايات الأفغانية تحت سيطرة حركة طالبان الإرهابية. فقد أصبحت أفغانستان قاب قوسين أو أدني من سيطرة تامة عليها من جانب حركة طالبان التي كانت تحتضن زعماء تنظيم القاعدة من قبل.
قرار بايدن أو سقطته، وفق بعض الصحف الأمريكية، لم يكن مدروسًا على الإطلاق، ويكشف عن إمكانية حدوث كوارث مع هذه الإدارة الأمريكية الجديدة. فبعد 20 عامًا من التواجد بأفغانستان، تحت دعاوى مواجهة القاعدة والتنظيمات الإرهابية بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، يقرر بايدن تنفيذا لوعود انتخابية سحب كل الجنود الأمريكان من الخارج، بأقصى سرعة ومن أفغانستان وقد كانوا بالآلاف، وبنفس السرعة التي أعلن بايدن انسحابه بها، انقضت حركة طالبان الإرهابية على البلاد، وسيطرت على 21 ولاية أفغانية في عدة أسابيع من أصل 34 ولاية، وتكشف التقارير الأخيرة تقدما كبيرا للحركة، بل إن البعض يقدر أنها على بعد 11 كيلو متر فقط من العاصمة كابول!
وتكشف الأوضاع المتدهورة بسرعة في أفغانستان على العديد من المؤشرات:-
أولها فشل فرض الديمقراطية الأمريكية بالقوة وخصوصا بالمجتمعات العربية والإسلامية أو ما يتردد عن هذه المزاعم.
أن الوجود الأمريكي لم ينل من قوة طالبان، ولم يؤثر عليها بل العكس لقد زادت قوتها، واستطاعت ابتلاع عشرات المدن الأفغانية بمجرد انسحاب القوات الأمريكية.
إن الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان كانت ولا تزال فاشلة، وأكبر الفشل ما يحدث الآن وأقل وصف له “مهزلة” تسليم بلد بكامله لإرهابيين ذو عقول متحجرة وافكار ظلامية متخلفة.
إن أفغانستان وبعد 20 عامًا من البقاء الأمريكي الكامل فيها، لم تستفد شيئا من “الوهج الأمريكي” فلم تقم دولة ولم ينشأ اقتصاد حقيقي، بل مجرد توالي مجموعة من رؤساء أفغان موالون للولايات المتحدة الأمريكية ينفذون توجيهاتها.. ولا شىء آخر.
في الوقت ذاته، فإنه إذا كان هناك خطر داهم، من سرعة سيطرة طالبان على دولة أفغانستان، فإن الخطر الأكبر أنها ستتحول قريبًا جدا إلى معقل جديد وقبلة للجماعات الإرهابية في العالم كما كان من قبل.
وبالطبع ليس خافيا أن كل قيادات تنظيم القاعدة الإرهابي والجهاد وغيرها من التظيمات التكفيرية الإرهابية، سكنت أفغانستان وحاربت فيها في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، في ظل وجود طالبان وحكومات مهترئة آنذاك أو ماسموا من قبل بـ “ملوك الطوائف” في افغانستان.
ووسط هذه السيولة الأمنية والسياسية واحتمال سقوط العاصمة كابول، في أيدي قوات طالبان قبل أن يصل الـ ثلاثة آلاف جندي أمريكي، الذي أمر بايدن بإعادتهم سريعًا لأفغانستان، لا يمكن تجاوز أو انكار او تجاهل، وجود كم هائل من عناصر أجهزة الاستخبارات الباكستانية والإيرانية والروسية والهندية وغيرهم، الذين يعملون في افغانستان الان، فكل يريد أن يقطتع جزءًا من الكعكة الأفغانية الجديدة بعد خروج “الكابوي الأمريكي”.
أفغانستان “دولة نموذج” للفشل الذريع بعدما ركبها إسلاميون جهلة ومتخلفون، لايفقهون شيئا عن علوم الدين، ولا عن علوم الدنيا، ولا يعرفون سوى لغة السيوف والتحزب والعمالة، فضاعت بلد بكامله تحت أقدامهم ويعاني 38 مليون أفغاني جراء وجودهم.