كَذبَ الإخوان المسلمين ولو صدقوا

كَذبَ الإخوان المسلمين ولو صدقوا

محمد أرسلان
لن نتعرض في هذا المقال إلى تاريخ نشأة هذه الجماعة ومدى أو حقيقة ارتباطها وتنفيذها لأجندة خارجية بغية الوصول للسلطة التي لطالما كانت وما زالت تستميت للوصول إليها. تاريخ كتِب الكثير عنه من قبل المعنيين مباشرة بأمر الجماعة أو من قبل من يخالفهم. والذي يعنينا هو موقف هذه الجماعة مما حدث ويحدث في المنطقة ومدى تورطها في نشر الفوضى وإن كان على حساب الشعوب وتدمير المجتمعات باختلاف جغرافيتها.

منذ ما سُمي بـ”الربيع العربي” وحتى الآن وبقراءة سريعة للأحداث التي عايشناها نرى بأن ما قمت به هذه الجماعة من خلال ركوبها لثورات الشعوب والتغني بالمظلومية المجتمعية ما كانت سوى لذر الرماد في العيون حتى وصولها للسلطة، وبعد ئلك تكشر عن أنيابها ومخالبها في تهشيم وتقطيع أوصال المجتمع وذلك من خلال فتاويهم أو أحاديثهم التي يتم إصباغها بنكهة دينية نبوية كي تصدقها الجموع الغفيرة المغيبة عن الوعي والعلم والتي تلهث وراء جمودها العقلي وتحجر عواطفها الانسانية وسفسطتها الاخلاقية، ويتم تكفير كل من يخالفهم الرأي والتنكيل به.

وفي مرحلة الفوضى يتم استثمار الجوع والفساد والسرقات المنتشر في منطقتنا منذ مرحلة طويلة على أنها ابتلاء من الله لابتعادنا عن تعاليمه ومعصيته. ويخفون الحقيقة عن الشعب ويوهمونهم بأنهم إن تولوا الأمر ستتحسن حياتهم نحو الأفضل وأن الحياة ستكون كجنة ويتكئ فيها الشعب على الآرائك وهم يشربون من أنهار العسل والخمر الحلال ويعيشون في عشقهم اللا نهائي مع عشيقاتهم من الحور العين بالإضافة للغُلمان.

هذا الخطاب من الجماعة يزيد من جهل المجتمعات وابتعادهم عن الوعي والعلم والتمسك بكهنوت الملالي والشيوخ اصحاب العمائم والجلابيب ويوجهون الشعب نحو صراع أزلي وأبدي لإرضاء الله وإعلاء كلمته في زيادة مستوى القتل والذبح والسبي في البشر. هذا ما رأيناه خلال تقريبًا العقد الذي نعيشه منذ فترة ما يقارب التسع سنوات. ما حدث ويحدث في ليبيا والعراق وسوريا واليمن ومحاولة التربع على عرش السلطة في تونس الآن، يُثبت بأن جماعة الإخوان المسلمين لها اليد الطولى في نشر هذه الفوضى والمقتلة المنتشرة كالنار في الهشيم، وكل ذلك تحت شعار “الله أكبر”.

أردوغان الأب الروحي والمعنوي لجماعة الإخوان المسلمين التي تتخذ من الإسلام السياسي قناعًا لها في تنفيذ أجنداتها في المنطقة، حتى تمت البيعة لأردوغان وتنصيبه “خليفة” للمسلمين من قِبل شيوخ المال والسلطة من قطر، يحاولون بكل إمكاناتهم تعويم الخليفة ونظامه على أنه النموذج الذي يجب اتباعه في المنطقة عمومًا.
الحالة السورية والمقصلة العراقية ونيران الحرب في ليبيا وجحيم اليمن كي ندرك ما يحصل فيها، ينبغي علينا أولًا أن نعلم بماذا يفكر أردوغان الذي يسعى بكل قوته لعثمنة المنطقة من جديد وعللا حساب الشعوب وتهجيرهم وحتى القيام بالمجازر كرمىً لتحقيق أجنداته في المنطقة.

أردوغان حينما يتكلم عن حقوق الإنسان والديمقراطية وقبول الآخر وفق مفهومه يمكننا اعتبار كلامه هذا كله سليمًا وصحيحًا، ولكن حينما نرى أو نتعقب ما يفعله أردوغان على أرض الواقع، نرى الحقيقة المؤلمة والتراجيديا التي تعيشها الشعوب والمجتمعات من جراء استثمار أردوغان لهم للوصول للسلطة.

صدق من قال “كذب أردوغان (الإخوان المسلمين) ولو صدق/ وا”. حيث أن آيات المنافق معروفة للجميع ومنها “إذا أؤتمن خان، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف”، كل هذه الصفات يطبقها أردوغان بحذافيرها من دون تردد. هو النفاق لا يختلف إن كان عند أردوغان أو عند الذين بايعوه على الخلافة من قطر من أمثال القرضاوي ومن يدور في فلكه.

وما حدث ويحدث في مصر لا يختلف كثيرًا عمّا يحدث في أماكن أخرى. إنه اردوغان هو هو أينما حلّ، تحل الفوضى ويحضر النفاق وأبواقهم وكذلك ادواتهم. التي سيتخلصون منها حينما ينتهي دورهم.

المشكلة الكبيرة التي نعانيها هي الجبهة الاخرى من هذا النفاق أو الذين يدعون أنهم الأصح. بالرغم من أنهم يروون كمية النفاق هذه إلا انهم في صمتهم يشجعون المنافق في الاستمرار في نفاقه وظلمه تحت حجة “لا يمكن تكفير المسلم أو من يتشاهد”. لكنه النفاق أيها السادة وينبغي الوقوف ضده مهما كان قائله، وإلا ستتكرر مأساة سيدنا الحسين والحلاج ثانية وبأيدينا وبعد ذلك نقوم نلطم ونعيد الكرة ثانية.

ليس كل من رفع القرآن هو على حق فربما يكون على باطل ويستغل هذا العمل. رأينا جميعًا كيف أن صدام رفع القرآن وكذلك الخميني والآن يفعلها أردوغان أيضًا. يتشابه الدكتاتوريون في أفعالهم وربما تكون نهايتهم أيضًا متشابهة من بعضها. إنه التاريخ الذي يقول كلمته الفصل حينما تحين اللحظة.