محمد أمين المصرى :صفقة الفلسطينيين لترامب

محمد أمين المصرى :صفقة الفلسطينيين لترامب

نقلا عن صحيفة الاهرام

تطالعنا الأخبار الأمريكية والإسرائيلية يوميا بأنباء صفقة القرن وهي حقيقية وليست خيالية كما يدعي بعض العرب الذين يجهلون تصرفات حاكم البيت الأبيض الحالي، رغم زعمهم أنهم يستطيعون قراءة أفكار الآخرين.

 

فتعبير الصفقة وإن كان تردد كثيرا قبل عام تقريبا فهو من بنات أفكار دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية، ولكنه لم يركز عليه مفضلا توضيح الأمور أكثر بالمزايدة علي القدس وتعهده لإسرائيل بنقل سفارة بلاده لها إذا نجح في الانتخابات، وقد كان ونفذ وعده.

 

الصفقة حقيقية وتجري علي قدم وساق، وبالتزامن مع قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس قررت الإدارة الأمريكية منع إسهاماتها المالية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بالأونروا» وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة، في إطار الضغط علي الفلسطينيين للقبول بما هو آت، ثم كان إعلان ترامب المثير للجدل الخاص بسيادة إسرائيل علي مرتفعات الجولان المحتلة.

 

فكل تصرفات وإجراءات ترامب تصب في اتجاه دعم لا متناه لإسرائيل وحكومة بنيامين نيتانياهو حتي إن كل أحزاب المعارضة الإسرائيلية اتهمت الرئيس الأمريكي صراحة بالانحياز لليمين المتطرف بما يضر إسرائيل لاحقا، فالمفكرون الإسرائيليون المعتدلون يدركون جيدا أن ترامب لن يستطيع تمرير صفقته المشبوهة علي الشعب الفلسطيني مهما قيل عن ضعف قادتهم وتشرذمهم في الوقت الحالي.

 

وقد سبق أن رأينا كيف فشل بيل كلينتون في إقناع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بقبول صفقة كامب ديفيد 2000 ،لأنها لم تتلاق مع متطلبات وتطلعات الشعب الفلسطيني.

 

وبالمناسبة كان بإمكان عرفات تمرير أي اتفاق آنذاك نظرا لتقدير الفلسطينيين له وقدرته علي إقناعهم بما وافق عليه، ولكنه رفض وأصر علي الانسحاب من المفاوضات.

 

وكان الاتفاق قاب قوسين أو أدني حتي أن قيادات فلسطينية محلية قد بدأت في ترتيب الاحتفال بالاتفاق شبه النهائي واستقبال عرفات استقبال المنتصرين للقضية الفلسطينية والفاتحين للقدس، ولكنه تخلي عن مقولته الشهيرة أري ضوءا في نهاية النفق ليموت قبل أن يصل حتي للنفق ولم ير ضوءه.

 

رحل عرفات والموت حق علينا جميعا قادة وشعوبا، ولكن صفقة ترامب لن تجد من يقبلها من الفلسطينيين الذين يصرون على حل الدولتين، وإذا رفض ترامب فهم سيطالبون بحل الدولة الواحدة ثنائية القومية، وهنا المأزق الذي يغيب عن عقل الرئيس الأمريكي ومرشديه.