ياسر أيوب :الحمد لله.. انتصرنا على الكاف

ليست كل الحروب حقيقية، إنما هناك حروب زائفة ومستعارة، وحروب للاستعراض أو التهديد أو الإلهاء.. وليس كل الرصاص متشابهاً لأن هناك رصاصاً للقتل ورصاصاً للصخب والضجيج فى الأفراح والموالد.. ومن المؤكد أن ما نقوم به الآن مع الاتحاد الأفريقى لكرة القدم ورئيسه عيسى حياتو بشأن حقوق البث التليفزيونى لمباريات وبطولات أفريقيا هو إحدى تلك الحروب الزائفة التى لا تسفر مطلقا عن أى شىء.. وأن الذى قادنا لهذه الحرب هو أحد اثنين.. إما أنه لا يعرف القوانين والقواعد ولم يهتم بأن يعرف إنما أراد فقط أن يبدو أمام الجميع مقاتلا دفاعا عن حقوق المصريين ولا يعنيه ألا تأتى هذه الحرب بأى حقوق إنما يعنيه فقط كل هذا الاهتمام وهذه الأضواء وتصفيق الكثيرين هنا وهناك.. أو أنه يعرف كل شىء لكنه دفع مصر ومؤسساتها وإعلامها وجمهورها لتلك الحرب الخاسرة حتى تسكت بعد ذلك كل الألسنة التى تهاجم وتنتقد عيسى حياتو والاتحاد الأفريقى ومن يؤيدهما هنا فى مصر.

 

أى أننا بمعنى آخر، قد يكون أكثر تحديدا ووضوحا، دخلنا هذه الحرب الحالية ضد الكاف وليست لهذه الحرب إلا نتيجة واحدة من اثنتين.. أن تكون هناك تحقيقات وأسئلة وأجوبة أمام النيابة العامة المصرية تنتهى بحقيقة أن الكاف فى كل تعاملاته وتعاقداته ليس خاضعا للقوانين المصرية، وبالتالى لا يملك جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار الحق فى محاسبة أو مقاضاة الكاف وفقا لأى قانون مصرى وأمام أى محكمة مصرية.

 

وهكذا تنتهى الحرب ويتم إغلاق كل الملفات والعودة إلى نقطة الصفر من جديد فيبقى الكاف حرا فى التعامل معنا كيفما يشاء، وتبقى شبكة بى إن سبورت القطرية تملك وتحتكر كل المباريات ولا نملك وقتها إلا الخضوع لكل شروطها وأسعارها وممارساتها.

 

أو النتيجة الثانية هى ألا تكون هناك أى تحقيقات أصلا وألا تكتمل كل هذه المشاوير الدعائية لكن سنجد بعدها من يقولون إنهم أرضوا ضمائرهم وضمائرنا وحاولوا قدر جهدهم واستطاعتهم أن يعيدوا لنا ولبلادنا حقوقا كانت وستبقى ضائعة..

 

وهذه هى القصة الحقيقية دون أى رتوش أو مستحضرات تجميل تخفى الحقيقة والواقع المؤلم الذى نعيشه.. ومن المؤكد أننا لانزال شعبا يملك قدرا هائلا من الطيبة بحيث يسهل قيادته وإعادة تشكيل اهتماماته وفقا لحسابات آخرين وليس حسب حقائق الحياة نفسها واحتياجاتها ولوازمها.. فالذى يريد الحرب الحقيقية على الكاف وحياتو.. فالميدان الحقيقى لتلك الحرب معروف عنوانه والطريق إليه.

 

لكن الذين يقودون هذه الحرب الحالية لا يريدونها حربا حقيقية.. هم فقط يريدون ما نعيشه من صخب وضجيج طيلة الأيام القليلة الماضية والكثيرة المقبلة دون أى تغيير حقيقى.

 

وإذا لم يكن باستطاعتنا الانتصار فى مثل هذه الحرب الزائفة.. فعلى الأقل لابد أن نستعيد بعضا من الهدوء اللازم والوقار الذى يليق بنا، ولا نسرف فى اهتمامنا وأحلامنا وتوقعاتنا بأن مثل هذا الرصاص الزائف سيقتل حياتو، وأننا كلنا سنحتفل قريبا بانتصارنا على الكاف مثلما سبقنا الإنجليز وانتصروا على الفيفا وأجبروا بلاتر على الاستقالة والرحيل.