زيدان: الاقتصاد الموازي ثروة مهدرة بقيمة تريليون جنيه

ايجى 2030 /

صرح المهندس طارق زيدان خبير إدارة وتطوير المشروعات، أن المرحلة التي تمر بها مصر الفترة الحالية تتطلب جهد من الحكومة لإيجاد حلول تمكن من إنعاش الإقتصاد المصري، حتى تتعافى من الركود الاقتصادي الحالي، وحتى تتمكن من تسديد قرض صندوق النقد الدولي الذي منح لمصر منذ أيام، وأول تلك الحلول هي إشراك كل الجهات الرسمية والمؤسسية في إتخاذ القرارات وإقرار المشروعات الجديدة.

 

وأكد زيدان أن مصر تمتلك من الموارد ما يمكنها من اللحاق بقاطرة التقدم الإقتصادي، ومن أهم تلك الموارد الإقتصاد الموازي أو غير الرسمي، ونظرًا لصعوبة الاتفاق حول حجم الاقتصاد الموازى اختلفت التقديرات التى تعبر عنه، فبحسب الإحصائية التى أجراها الاقتصادى الشهير فرناندو دوستو، تقدر نسبة الاقتصاد غير الرسمى بمصر بنحو 395 مليار دولار، أي ما يعادل 2.6 تريليون جنيه ، أما عن آخر الإحصاءات الحديثة لاتحاد الصناعات المصرية والتي اعتمدت فقط على رؤس الأموال المتداولة في السوق المصري وغير مشتملة العقارات غير المسجلة، فقد أظهرت أن حجم الاقتصاد غير الرسمى في مصر بلغ نحو تريليون جنيه والذي يمثل 60% من الاقتصاد الكلي مما يعكس حجم الثروة المهدرة من النهوض بالاقتصاد المصري، والمتمثل في المصانع الصغيرة وبعض العقارات غير المسجلة والتي تصل نسبتها إلى 80%، وكذلك المشروعات التي يقوم بها المواطنين في المحافظات المختلفة.

 

وأضاف أن الدولة إنتبهت لقيمة الاقتصاد غير الرسمي في الفترة الأخيرة ودوره في إنعاش السوق، حيث قررت لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب عقد جلسات استماع  لعدد من الجهات، على رأسها رئيس اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية واتحاد المقاولين والصندوق الاجتماعى للتنمية والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ومصلحة الضرائب ووزارة المالية ومركز تحديث الصناعة ووزارة التنمية المحلية والاتحاد التعاونى الانتاجى لمناقشة آليات دمجه للاقتصاد الرسمي للدولة.

 

وأشار زيدان أن الإقتصاد غير الرسمي في تزايد مستمر مع غياب الرقابة من قبل الأجهزة والمؤسسات الرقابية في مصر، وعدم  استقرار الأوضاع في السنوات الماضية، وزيادة نسبة البطالة بين المواطنين، الأمر الذي أدى إغلاق العديد من الأعمال والمصانع مما أدى إلى قيامهم بعمل مشروعات خاصة بهم دون ترخيصها مما يحرم الإقتصاد الكلي من الإستفادة من عائدات تلك المشروعات سواء من خلال رسوم التراخيص أو الضرائب المفروضة بالإضافة إلى إضعاف منافسة الإقتصاد الرسمي، وشدد زيدان على أهمية إدراج الدولة للإقتصاد غير الرسمي حتى لا يتم الإعتماد فقط على الإستيراد، حيث أن هناك نماذج اقتصادية ناجحة تمكنت من الإعتماد على الإقتصاد غير الرسمي في النهوض باقتصادها الكلي.

 

واستشهد زيدان بتقديرات الاقتصاد الموازي في المملكة العربية السعودية والتي وصل فيها  إلى 565 مليار ريال، بنسبة 20% من الناتج القومي وفقاً لآخر تقديرات البنك الدولي، وأن أعداد العمالة غير النظامية تزيد بمعدل متوسط بلغ نحو 1.2 مليون عامل سنوياً، وأوضح زيدان أن الاقتصاد الخفي في المملكة يأخذ أشكالاً بعينها بشكل مغاير لأشكاله وصفاته في الدول الأخرى، فالتستر وغسل الأموال والتهرب الزكوي وتجارة المخدرات هي الأشكال الرئيسة التي تسيطر على تعاملات الاقتصاد الخفي، واستشهد أيضاً بتجربة الإمارات في النمو باقتصادها وتحقيق التنمية المستدامة، فالإمارات تعتمد على تشجيع برنامج المشروعات الصغيرة والمتوسطة المنبثق عن القانون والتي تمثل 60% حالياً، الأمر الذي يجعل من الإقتصاد غير الرسمي ظاهرة ليس لها وجود هناك، مع خطة الدولة لخفض الإعتماد على النفط كمصدر للناتج المحلي الذي يشكل 50% منه الآن والعمل على وصوله إلى 10% من خلال دعم قطاع الإبتكار وزيادة نمو الصناعة، ونمو قطاعي العقارات والإستثمارات الأجنبية، فوصل حجم الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى 1.8 تريليون درهم خلال عام 2016، مما يجعل الإمارات نموذجاً يحتذى به لرفع كفاءة الاقتصاد الكلي.

 

وشدد زيدان على ضرورة أن يكون للمحليات دور مهم في حصر كل ما له علاقة بالاقتصاد غير الرسمي في مصر والمنتشر في ربوع الجمهورية؛ حتى تتم عملية الإدراج بشكل أسهل، خاصة أن آخر حصر قامت به مصلحة الضرائب لمعرفة عدد المطالبين بدفع الضرائب بشكل كامل تم عام 1980، ووصل  إجمالى حالات التهرب الضريبى التى تمت خلال الـ3 أشهر الأولى من السنة المالية الحالية 2016 – 2017 بلغ نحو مليار جنيه مما يعرض اقتصاد مصر للتدهور أكثر مما يسبب تعطيل المشروعات التي تقوم بها الدولة والمعتمدة بشكل أساسي على الضرائب في تنفيذها، وأن إدراج الاقتصاد غير الرسمي ضمن المطبق عليهم دفع الضرائب سيساهم بشكل كبير في قيام الدولة ونهوض اقتصادها، ولكن عليها مسؤلية كبيرة في عمل تسهيلات لأصحاب المشروعات الصغيرة  سواء من حيث تخفيض هوامش الضرائب أو تيسير اجراءات الترخيص؛ حتى يكون هناك استعداد لتقبل إدراج اقتصادهم ضمن الاقتصاد الكلي، مما يضمن توفير فرص عمل أكثر وحماية العمالة من أي استغلال قد يتعرضون له من أصحاب المشروعات وكذلك استغلال الأطفال، وأكد زيدان على ضرورة وأهمية تقنين الإقتصاد الموازي وليس تجريمه بشكل كامل.