قُرْحة معدة تُنْهي أسطورة ” عنبر وان – جعفر العمدة “

كتب / الحسانين محمد:
تثبت اللجان الإلكترونية المهيمنة علي صفحات السوشيال ميديا ، مع صبيحة كل يوم أنها قادرة علي قهرالمستحيلات وصنع نجومية طاغية ” لبقرة أم قويق” بين عشية وضحاها لو دفعت أم قويق المعلوم وكلما زادت في العطاء كلما شغلت البقرة الرأي العام حتي تصبح من عليه القوم !!، هذا الواقع ينطبق تماما علي حال طوفان الهذيان حول الملحمة الهندية الرائجة الآن في ما يسمي بمسلسل ” جعفر العمدة “.
الحقيقة الوحيدة المؤكدة في هذا العمل أن بطله ” عنبر وان ” جلس مع محمد سامي “المؤلف والمخرج وكاتب السيناريو والحوار وسمسار مراكب و قباني” وقال له بالحرف :” بص يا عم سامي عاوزك تعمل لي خلطة سحرية جديدة تجمع فيها بين الحاج متولي وأميتاب باتشان وشاروخان وفي الآخر تلف وترجع لقلب الأسد والألماني .. أظن إنت فاهمني ومش محتاج شرح !!” وكان سامي عند حسن ظن ” عنبر وان ” وعمل “التسبيكة التي تجمع كل مفردات هذه الخلطة السحرية.
ومرت الخمسة أيام الأولي من رمضان دون أن يلتفت أحد من ملايين المشاهدين في مصر والوطن العربي أن هناك مسلسلا يعرض في رمضان بطله ” عنبر وان” رغم الدعاية المكثفة علي القنوات التي يعرض فيها قبل وأثناء عرضه ، واستشعر ” عنبر وان ” خطورة الموقف وأنه لو سقط هذا العمل ربما تكون بداية السقوط الأبدي لنجوميته ليصبح في طي النسيان مع الزبد والفقاعات الفنية والإعلامية التي سبقته وذهبت جفاء، ولم يمكث ويعيش إلا الأعمال الرواسي الشامخات.
وبدأت خطة فرق الإنقاذ السريع بنشر اللجان الالكترونية الكثير من البوستات الموجهة والمختارة بعناية شديدة حول الأحداث الغريبة والتي ترسخ كل الأفكار الخبيثة التي يروجها ” عنبر وان ” في كل أعماله بداية من استخدام القوة الغاشمة والخارقة إلي حد العبط في استرداد الحقوق، ومرورا بانحطاط الأخلاق ووزني المحارم وخيانات الزوجات والأصدقاء وكل ما يعلي فكرة المجتمع الموبوء غير أن ” عنبر وان” غير قناع وجهه قليلا في هذا العمل ليجمع بين ” ابن الحلال وابن الحاج متولي وابن أميتاب باتشان ” ووجدت اللجان الالكترونية في مشهد زواج زوجة سيد شقيق جعفر من البلطجي الذي خرج من المعتقل حديثا والراعي الرسمي لعائلة الشر في مواجهة جعفر.
وبدأت الشرارة التي أشعلتها اللجان حول العمل تنتشر كالنار في الهشيم” واطمأنت نفس ” عنبر وان” وأصبحت كلماته مع نجله الذي لا يعرف أنه الذي يبحث عنه هي عين الحكمة والإلهام وضالة الباحثين عن مفاتيح النجاح والثروة والنساء، وتحول العمل إلي هستيريا رمضانية بفضل اللجان الإلكترونية ، وتناسي الغالبية من المغيبين في نشوة متابعتهم للعمل أنه لا يوجد في مصر من يتم سحله وأهله في الشارع بأيدي أحد خريجي السجون دون وجود لشرطة أو قانون ليكمل ليلته في الرقص الحرام مع الحرباء التي يدعي أنه يتزوجها علي مرئي ومسمع من زوجها وأهله بدعوي أنها خلعته ولم يكن يدري !! ليكتمل حوار التدني والبذاءة بقوله لها ” بقالي كام سنة في السجن ما شمتش ريحة نسوان ” !!.
السم الأكثر خطورة في هذا العمل ياسادة أنه نجح في تحسين وجه البلطجة والبقاء للأقوى والأخلاقيات الدونية في المجتمع ، ورسخ مفاهيم الخيانة والفجور والدسائس والمكيدة بين أفراد العائلة الواحدة ، وكأن جميع أفراد المجتمع أوغالبيتهم بلا قيم أو أخلاق ونسبة الشر والخيانة في نفوسهم أضعاف نسب الخير والتراحم والسلام ، إلا جعفر العمدة البطل المحبوب من الجميع المعصوم من الخطيئة والآثام ، وكأن دولة القانون والثواب والعقاب غائبة بلا وجود وإذا حضرت علي استحياء فقراراتها في النهاية ترضخ لتوجيهات ورغبات ” البطل الأوحد عنبر وان ” ، فكم من جرائم الذبح والضرب في الشوارع شهدتها مصر خلال الفترة الماضية وكانت مثل هذه الأعمال الفنية هي الراعي الرسمي لها ؟ وكم ستشهد مصر من جرائم وحالات طلاق وخلع واغتصاب وخراب بيوت، بعد هذه الدعوات المقننة في سم الدراما لهذه السلوكيات القبيحة لتكون هي الأصل وما دونها استثناء ؟؟!! ، خاصة مع تماس هذه السلوكيات مع الضغوط الاقتصادية الطاحنة والتي تغلي نارها تحت سطح محاولات التعايش دون السقوط في هوية اليأس والفقر والمرض..أغيثونا من الغثيان وقرحة المعدة في ما يسمي “جعفر العمدة”