حكم إفطار رمضان لمن يداوم على السفر نظرًا لطبيعة عمله

حكم إفطار رمضان لمن يداوم على السفر نظرًا لطبيعة عمله

ايجى 2030 /
هل يرخص الفطر لمن يداوم على السفر نظرًا لطبيعة عمله؟.. سؤال ورد على صفحة دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

وأجابت لجنة الفتوى قائلة: إن الله تعالى رخص للصائم المسافر أن يفطر متى كانت مسافة سفره لا تقل عن مرحلتين وتُقَدَّران بنحو ثلاثة وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر، بشرط أن لا يكون سفره هذا بغرض المعصية.

وأضافت لجنة الفتوى، أن الشرع أناط رخصة الفطر بتحقق علة السفر فيه من دون نظر إلى ما يصاحب السفر عادة من المشقة؛ فصلح السفر أن يكون علة لأنه وصف ظاهر منضبط يصلح لتعليق الحكم به، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فإذا وُجد السفر وُجِدَت الرخصة، وإذا انتفى انتفت، أمَّا المشقة فهي حكمة غير منضبطة؛ لأنها مختلفة باختلاف الناس، فلا يصلح إناطة الحكم بها، ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجودًا وعدمًا.

واستشهدت لجنة الفتوى بقول الله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ} [البقرة: 185]، مشيرة إلى أنه متى تحقق وصف السفر في الصائم ولم يكن إنشاؤه بغرض المعصية جاز له الفطر؛ سواء أشتمل سفره على مشقة أم لا، وسواء أتكرر سفرُه هذا أم لا، حتى لو كانت مهنتُه تقتضي سفره المستمر فإن هذا لا يرفع عنه الرخصة الشرعية، وبين الله سبحانه مع ذلك أن الصوم خير له وأفضل مع وجود المُرَخِّص في الفطر بقوله تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ} [البقرة: 184]، والصوم خير له من الفطر في هذه الحالة وأكثر ثوابًا ما دام لا يَشُقُّ عليه؛ لأن الصوم في غير رمضان لا يساوي الصوم في رمضان ولا يُدانيه وذلك لمن قدر عليه، فإذا ظن المسافر الضرر كُرِه له الصوم، وإن خاف الهلاك وجب الفطر.

أكد الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الترخص في السفر نعمة من نعم الله عز وجل على المسلمين، حيث رفع عنهم المشقة وما جعل عليهم في الدين من حرج، ناصحًا بأن تقابل النعمة بالشكر وحسن الامتثال، وليس بالتحايل والتوسل بها إلى التحلل من أحكام الدين.

وأضاف «الجندي» لـ«صدى البلد» في إجابته عن سؤال «حكم من يسافر لأجل الفطر في رمضان؟» أنه نص جمهور الفقهاء على أن من سافر ليس له غرض من سفره إلا أن يترخص بالفطر في رمضان أو قصر الصلاة: فهذا ليس له الترخص، ولا يحل له الفطر في نهار رمضان ولا قصر الصلاة، لأنه أساء النية والمقصد، فعوقب بنقيض قصده، وذكروا ذلك في القواعد الفقهية: “أن تعاطي سبب الترخص لقصد الترخص لا يبيح”.

ويقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: “إن لم يكن له غرض صحيح، وكذا إن كان غرضه القصر فقط: فلا يقصر في الأظهر” انتهى. “تحفة المحتاج” (2/383).

ويضيف البهوتي الحنبلي رحمه الله: “قال في الفروع: لو سافر ليترخص -أي: يحرم عليه ذلك-، فقد ذكروا أنه لو سافر ليفطر حرم” انتهى. “كشاف القناع” (1/506).

حكم الإفطار لمن يداوم على السفر نظرًا لطبيعة عمله

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن الله – سبحانه وتعالى- رخص للصائم المسافر أن يفطر، متى كانت مسافة سفره لا تقل عن مرحلتين، وتُقدران بنحو ثلاثة وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر.

وأضاف “جمعة” في إجابته عن سؤال: “ما حكم الإفطار في نهار رمضان لمن يداوم على السفر؟” أنه يشترط أيضًا ألا يكون سفره هذا بغرض المعصية، موضحا “أناط الشرع رخصة الفطر بتحقق علة السفر فيه دون نظر إلى ما يصاحب السفر عادة من المشقة”.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن السفر صلح أن يكون علة للفطر؛ لأنه وصف ظاهر منضبط يصلح لتعليق الحكم به، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فإذا وُجد السفر وُجِدَت الرخصة، وإذا انتفى انتفت.

ونوه المفتى السابق: أما المشقة فهي حكمة غير منضبطة؛ لأنها مختلفة باختلاف الناس، فلا يصلح إناطة الحكم بها؛ ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجودًا وعدمًا؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [سورة البقرة: الآية 185].

وواصل أنه متى تحقق وصف السفر في الصائم ولم يكن إنشاؤه بغرض المعصية جاز له الفطر؛ سواء أشتمل سفره على مشقة أم لا، وسواء أتكرر سفره هذا أم لا، حتى لو كانت مهنتُه تقتضي سفره المستمر فإن هذا لا يرفع عنه الرخصة الشرعية، وبين الله سبحانه مع ذلك أن الصوم خير له وأفضل مع وجود المُرخص في الفطر بقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [سورة البقرة: الآية 184].

ونبه الدكتور على جمعة أن الصوم خير له من الفطر في هذه الحالة وأكثر ثوابًا ما دام لا يَشُق عليه؛ لأن الصوم في غير رمضان لا يساوي الصوم في رمضان ولا يُدانيه وذلك لمن قدر عليه، فإذا ظن المسافر الضرر كُره له الصوم، وإن خاف الهلاك وجب الفطر.

مريض الزهايمر
صيام مريض الزهايمر إذا أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان
في سياق متصل، أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن مريض الزهايمر إذا أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان فصيامه صحيح، ولا قضاء عليه ولا كفارة.

وأضافت “الإفتاء” في إجابتها عن سؤال: “ما حكم صيام مريض الزهايمر إذا أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان؟ “، عبر موقعها الرسمي، أن الزهايمر داءٌ يصيب العقل، وله أعراض ومراحل؛ تبدأ بالنسيان وتناقص في الذاكرة، وتنتهي بفقدان الذاكرة كلية، وقد جاء ذكرُ قريبٍ من هذا في النصوص الشرعية؛ فقال تعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾، [النحل: 70].

وذكرت قول الإمامُ الفخر الرازي في تفسيره “مفاتيح الغيب” : [وهو إشارة إلى مراتب عمر الإنسان، والعقلاء ضبطوها في أربع مراتب: أولها: سن النشوء والنماء. وثانيها: سن الوقوف وهو سن الشباب. وثالثها: سن الانحطاط القليل وهو سن الكهولة. ورابعها: سن الانحطاط الكبير وهو سن الشيخوخة].

وأشارت إلى أن الإمام البيضاوي بين في تفسيره “أنوار التنزيل وأسرار التأويل” معنى قوله تعالى: ﴿لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا﴾ أي: [ليصير إلى حالة شبيهة بحالة الطفولية في النسيان وسوء الفهم].

وبينت أن قد النبي – صلى الله عليه وآله وسلم-أنه استعاذ مِن أنْ يُردَّ إلى أرذل العمر؛ فقد روى الإمام البخاري في “صحيحه” عن عبد الملك بن عمير، سمعتُ عمرو بن ميمون الأودي قال: كان سعد يعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة، ويقول: إن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- كان يتعوذ منهن دبر الصلاة: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ»، فحدثت به مصعبًا فصدقه.

وألمحت أن العلامة البدر العيني قال في “عمدة القاري شرح صحيح البخاري”: [(أرذل الْعُمر): هُوَ الخرف، يَعْنِي: يعود كَهَيْئَته الأولى فِي أَوَان الطفولية، ضَعِيف البنية سخيف الْعقل قَلِيل الْفَهم، وَيُقَال: أرذل الْعُمر: أردؤه، وَهُوَ حَالَة الْهَرم والضعف عَن أَدَاء الْفَرَائِض، وَعَن خدمَة نَفسه فِيمَا يتنظف فِيهِ فَيكون كَلًّا على أَهله ثقيلًا بَينهم، يتمنون مَوته فَإِن لم يكن لَهُ أهل فالمصيبة أعظم].

ونبهت أن الإمام الـمُناوي قال في “فيض القدير”: [(أرذل العمر): آخره في حال الهرم والخرف والعجز والضعف وذهاب العقل، والأرذل من كل شيء الرديء منه].

وأفادت: إذا فأرذل العمر هو الهرم والخرف، والفرق بين الخرف والجنون؛ كما يقول الإمام السبكي فيما ينقله عنه الإمام السيوطي في “الأشباه والنظائر”: [أن الخرف عبارة عن اختلاط العقل بالكبر، ولا يسمى جنونًا؛ فالجنون يعرض من أمراض سوداوية ويقبل العلاج، والخرف خلاف ذلك، ويظهر أن الخرف رتبة بين الإغماء والجنون، وهي إلى الإغماء أقرب] .

ونوهت أن المختار للفتوى أن من أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان فلا قضاء عليه ولا كفارة وصيامه صحيح؛ وذلك لِما روي في “الصحيحين” عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ».

و استشهدت أيضًا برواية أخرى للبخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ».

واستدلت بما روى ابن خزيمة وابن حبان في “صحيحيهما” والدارقطني في “سننه” عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلا كَفَّارَةَ».

وأكدت أن هذا هو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة؛ ففي متن “الكنز” وشرحه للزيلعي من كتب الحنفية: [(فإن أكل الصائم أو شرب أو جامع ناسيًا.. لم يفطر) أما إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيًا؛ فلما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»؛ ولأن النسيان غالب للإنسان فلو كان مفطرًا لحرجُوا وهو مدفوع بالنص بخلاف الإحرام في الحج والصلاة والاعتكاف؛ لأن حالته مذكرة.

وتابعت: وهذا لأن هيئته في هذه الأشياء تخالف هيئة العادة وفي الصوم لا تخالف فلا مذكر له فيه، ولا يقال المراد بالحديث الإمساك تشبهًا كالحائض إذا طهرت وغيرها ممن وجد منه ما ينافي الصوم؛ لأنا نقول: أمره بإتمام صومه وبالإمساك تشبهًا لا يتم صومه والمأمور به هو الإتمام للصوم، والذي يؤيد هذا المعنى ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ»، رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح وكلهم ثقات فإذا ثبت في الأكل والشرب ثبت في الجماع دلالة؛ لأنه في معناه].

وواصلت أنه جاء في “مغني المحتاج” للخطيب الشربيني: [(وإن أكل ناسيًا لم يُفْطِرْ)؛ لخبر “الصحيحين”: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»، وفي “صحيح ابن حبان” وغيره: «ولَا قَضَاء عَليه ولَا كَفَّارة»].

وأكملت: وفي “كشاف القناع”: [(ولا) يُفْطِرُ (ناسٍ) لفعل شيءٍ مما تقدّم؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عُفِي لأمّتي عَن الخَطَأ والنّسْيَانِ ومَا استُكرِهُوا علَيه»، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»، متفق عليه،(فرضًا كان الصوم أو نفلًا)؛ لعموم الأدلة.

وأردفت: فإذا كان الشرع لم يحكم بإبطال صيام من أكل أو شرب ناسيًا من الأصحاء، فإنه لا يحكم بإبطال صيام من فعل ذلك من مرضى النسيان من باب أولى، كما أن مريض الزهايمر الذي ينسى فيأكل أو يشرب في نهار رمضان داخل في حكم الناسي؛ لعموم الأخبار السابقة، ولأن النسيان المذكور فيها هو مطلق النسيان، فيصدق على مريض (ألزهايمر) كما يصدق على غيره.

واختتمت: حتى ولو كان مريض الزهايمر صورة نادرة، وهي التي يُراد بها: ما لا يخطر غالبًا ببال المتكلم؛ لندرة وقوعه؛ لأن الصورة النادرة تدخل في العموم، وذلك على ما اختاره ابن السبكي في “جمع الجوامع مع شرح المحلي” و”حاشية العطار”.