فى الطريق إلى الخانكة!!

فى الطريق إلى الخانكة!!

بقلم – عماد الدين حسين

صباح السبت الماضى تحركت من منطقة وسط البلد، لمنطقة الخانكة بالقليوبية، تلبية لدعوة كريمة من مجلس الوزراء، لحضور افتتاح مجموعة من المشروعات القومية.

 

منذ اللحظة التى خرجت فيها من الطريق الدائرى إلى نزلة المرج تشعر أنك دخلت عالما آخر، تحكمه العشوائية والفوضى. الشوارع محتلة بالكامل من الباعة الجائلين وتجارالخضر والفاكهة والملابس، وتتحرك فيها التكاتك بكل حرية وأريحية. لا يوجد شىء اسمه تنظيم مرور، كل شىء متداخل ومختلط. خرجنا من هذا المكان المزدحم، لنسير بموازاة خط المترو والسكة الحديد، الطريق مكسر تماما وملىء بالحفر، وكل منزل صنع مطبا صناعيا أمامه، مثلما يحدث على غالبية الطرق فى مصر.

 

المأساة الحقيقية أنه على طول هذا الطريق، فإن القاسم المشترك الأساسى هو انتشار أكوام الزبالة. هذا المشهد استمر من أول المرج وحتى مدخل محطة معالجة الصرف الصحى بالجبل الأصفر. وعندما وصلنا إلى هذه المحطة، كانت علامات النظافة الظاهرة قد بدأت تظهر، نظافة جيدة بالطبع لكنها تذكرك إلى حد ما بما رأيناه فى الفيلم الكوميدى الساخر جدا للراحل أحمد رجب «الوزير جاى»!!.

 

الفارق أن من حضر هذه المرة كان رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والعديد من الوزراء.

 

للأمانة فإن المحطة من الداخل صرح عظيم وشديدة النظافة والترتيب. وكما فهمت فهى الأكبر على الإطلاق بمنطقة الشرق الأوسط، ومرشحة لتكون الأكبر عالميا قريبا، كما قال الدكتور مصطفى مدبولى. وقد كتبت عن هذا الجانب الإيجابى يوم الثلاثاء الماضى تحت عنوان «بقعة ضوء فى الجبل الأصفر».

السؤال البديهى لجميع الأجهزة المختصة خصوصا فى المحليات: متى يمارس كل مسئول دوره؟!.

 

أعرف أن مشاكل العشوائية والزبالة، ليست مقصورة على المرج أو الخانكة. هى موجودة فى مناطق كثيرة بالقاهرة الكبرى والمحافظات، وتكاد تشكل ملمحا أساسيا للمحليات فى مصر منذ عشرات السنين. لكن أعود إلى السؤال مرة أخرى وأطرحه بصيغة أكثر وضوحا: ما هو دور المحافظ ورئيس الحى ورئيس مجلس المدينة فى هذا الصدد؟!.

 

هذا الموضوع لا يحتاج لموارد مالية كثيرة حتى نتحجج بأننا بلد فقير، كما أن هيئة النظافة فى مصر مليئة بالعاملين والموظفين. وللأسف فإن بعضهم مهموم فقط بإيقاف السيارات فى الشوارع الكبيرة والجسور الطويلة للحصول على «الحسنة». قد تكون الموارد قليلة لإنشاء مصانع معالجة النفايات، لكن على الأقل يمكن اختيار مكان محدد ومغلق لتجميعها، مؤقتا بدلا من تركها بهذا الشكل فى كل مكان!!.

 

من هو المسئول عن تشغيل هؤلاء الموظفين، ولماذا لا يمر يوميا على الشوارع للتأكد من أن كل شخص قام بالحد الأدنى من عمله الطبيعى؟. ولماذا لا يخبرنا هؤلاء: ما هى المشكلة الفعلية التى تمنع تراكم الزبالة فى الشوارع بهذا الشكل القمىء والمسىء والمخزى؟!.

 

مرة أخرى المشكلة ليست هى فقط فى المرج أو الخانكة. أراها كل يوم بصورة متنوعة فى العديد من المناطق، بل وصلت «البجاحة» بالبعض إلى إلقاء مخلفات البناء فى مداخل الطريق الدائرى، مثلما كان الحال عند الجزء الرابط بين الطريق الدائرى وفتحة صفط اللبن بالجيزة!.

 

هل المسئولون فى المحليات والحكومة، لا يدركون خطورة استمرار الزبالة فى الشوارع، وإذا كانوا يدركون فلماذا لا يقومون بعملهم الطبيعى؟!.

 

أولا، ومن منظور اقتصادى، فالزبالة تتسبب فى العديد من الأمراض، وهو ما يعنى أن معظم ما ننفقه على العلاج، يتبخر بسبب هذه البيئة الكارثية، ومجرد تنظيم هذا الأمر كفيل بأن يقلل تماما من ميزانية الصحة فى مصر.

 

لكن الأخطر هو أن كثيرا من المواطنين يتعودون على التعايش مع هذه المشاهد، باعتبارها جزءا من الصورة العامة. بعضنا لم يعد يندهش من رؤية أكوام الزبالة فى الشوارع، بل ورؤية البعض يقوم بالنبش فيها، وبجواره بعض الحيوانات من كلاب وقطط وحمير، كما رأيت بعينى صباح السبت الماضى.

 

أحد أسباب اهتزاز صورة الحكومة لدى الناس هو غيابها شبه التام أحيانا فى الشارع. نتمنى أن تفكر الحكومة فى هذا الأمر بصورة جادة، وليس على طريقة مطاردة شرطة المرافق لبعض الباعة الجائلين. تطردهم لمدة ساعة ثم يعودون، وهكذا دواليك منذ سنوات!!.

 

سؤال يسأله الكثيرون: لماذا تتقاعس الحكومة فى هذا الصدد، وماذا يفعل المختصون فى هيئة النظافة، ولماذا لا يقوم كل شخص بدوره، هل هى معجزة أو معضلة أن نفعل ذلك؟!.