فاروق جويدة: ثلاثية الخالق وثلاثية الخلق

فاروق جويدة: ثلاثية الخالق وثلاثية الخلق

نقلا عن صحيفة الاهرام

هناك أشياء يمكن أن تفرضها علينا سنوات العمر ورحلة الزمن وقد نتعامل معها ولكننا لا نقبلها.. كرهت فى حياتى الظلم.. والخوف.. والقسوة وهى ثلاثية المعاناة فى هذه الحياة والإنسان قد يقاوم الظلم وهو أحيانا يظلم نفسه وأسوأ أنواع الظلم للنفس ألا تعرف قدر نفسك ولا يعنى أين مكانك وقيمتك فى هذه الحياة وأمام الناس لا يهم أن تكون صاحب منصب أو مال أو جاه يكفى أنك تعرف قدر نفسك حتى لو بخل عليك الآخرون بلحظة عرفان وتقدير..

 

وللظلم درجات تبدأ بنظرات من لا يعرف قدرك وتنتهى عند عقاب لم يرحمك فيه أحد وفضلت أن تنام مظلوما عن أن تنام ظالما.. وللظلم عند بعض الناس متعة إن السجان لا يشعر أبدا بآلام السجين والظالم ينام وهو لا يدرك أن هناك من لا ينام بعد أن طاردته أشباح الظلم.. يقولون إن للظلم نهاية ولكنها أحيانا تطول فى الوقت والعمر والمعاناة..

 

ومن أسوأ الأشياء أن يطاردك الظلم والخوف فى وقت واحد وهناك بعض الناس لا يخافون وهناك من يرى خلفه دائما شبحا يطارده واعترف اننى كثيرا ما أخاف من شطط قلمى وكثيرا ما نتبادل الآراء والمواقف وهو يحذرنى من الخوف وأنا أخاف عليه من الشطط رغم انه شطط عاقل فيه الكثير من الحكمة ودروس الحياة.. أما القسوة فهى من أسوأ الأمراض التى تصيب الإنسان خاصة إذا أدمنها وتعايش معها وأصبحت أسلوب حياة.. والقسوة تبدأ بالكلمة وتنتهى بالجراح..

 

هناك كلمة تقتل وقد مات شاعرنا الكبير صلاح عبدالصبور حين اخترقت قلبه البرىء كلمات قاتلة.. والقسوة من أسوأ عادات البشر لأنها لا تعرف الرحمة وكثيرا ما تجنبت الناس بسبب قسوتهم لأننى أعلم أن قلبى لا يحتمل سهام الآخرين وقد جربت ذلك يوما وكم شقيت من قسوة الآخرين..

 

ولك أن تتصور صورة الحياة وفيها الظلم والخوف والقسوة وأنت تتصفح كل صباح عشرات الجرائم التى جمعت هذه الثلاثية القبيحة رغم أن الله خلق الإنسان بالعدل والخير والرحمة وحين غابت ثلاثية الخالق سادت ثلاثية الخلق وشوهت وجه البشر وصورة الحياة.