فاروق جويدة: الإنسان الحقيقى

فاروق جويدة: الإنسان الحقيقى

نقلا عن صحيفة الاهرام

ثلاثة أشياء يتغير بها الإنسان..المنصب..والغرور.. والمال.. وهناك درجات فى حالة كل إنسان.. هناك من يتغير بنسبة لا تبدو كثيرا عليه وهناك من ترى فيه إنسانا آخر وهناك من يبيع الناس جميعا..

 

 

وقد اقتربت كثيرا فى حياتى من أصحاب المناصب عرفت أشخاصا عاديين فى وظائف عادية وكنت دائما حريصا أن ابتعد عن كل واحد منهم أصبح من أصحاب المناصب حتى لا أشعر إنه تغير وكنت أنتظر عودته إلى مكانه الأول وأن يترك المنصب ويعود كما كان..

 

 

وقد رأيت منهم من تغير ومن بقى على عهده وهناك من أصبح إنسانا آخر غير ما عرفت.. ومن أقرب الطرق إلى الغرور المناصب لأنها تحرك فى الإنسان جوانب من الزهو وكثيرا ما كنت أنادى الشخص باسمه ولكننى كنت احرص على أن نترك مسافة بيننا إذا لاحت فى تصرفاته صورة مختلفة لإنسان آخر..

 

إن التواضع مع القيمة يمنحان الإنسان بريقا خاصا ومكانة رفيعة أمام الآخرين والغرور يزور عادة النفوس الضعيفة لأن الإنسان القوى يرى قوته فى نفسه وليس فى منصبه.. وأنت لا تستطيع أن تتحمل غرور صديق أو إنسان عزيز عليك إشفاقا عليه وقد يكون الغرور من لعنات السلطة حين يجلس الإنسان على الكرسى ويرفض أن يفارقه.. سألت يوما صديقا عزيزا عن لعنة المناصب وكيف انها تغير أخلاق البشر فقال كراسى السلطة لها جاذبية خاصة تشبه التيار الكهربائى الذى يتمدد فى جسد الإنسان ويسيطر عليه ويتحكم فيه ويكون من الصعب أن يعود إنسانا عاديا كما كان..

 

أما المال فقد سبق كل شئ حتى الأبناء.. المال والبنون زينة الحياة الدنيا.. وهو أكبر من المنصب وإذا اجتمعت ثلاثية المنصب والمال والغرور فنحن أمام إنسان آخر أصبحت فيه كل مصادر القوة وهو يتحول إلى كيان فيه كل التناقضات لأن المنصب قوة والمال قوة والغرور دمار وقد يكون سببا فى ضياع المال وفقدان المنصب وتدمير حياة الإنسان.. وإذا اجتمع المنصب مع العدل واجتمع المال مع الرحمة فإن الغرور يطلب إجازة طويلة لأن التواضع سيكون ضيفا مقيما مع العدل والرحمة وهنا تكون المعادلة الصحيحة الرحمة مع العدل مع التواضع وهذا هو الإنسان الحقيقى كما خلقه الله.