خبراء: محطة الضبعة النووية.. حلم المجتمع المصري الذي أصبح حقيقة

خبراء: محطة الضبعة النووية.. حلم المجتمع المصري الذي أصبح حقيقة

ايجى 2030 /

على مدى عقود عديدة، طمحت مصر لامتلاك برنامجها الخاص للطاقة النووية. ومع دخول عقود انشاء محطة الضبعة النووية حيز التنفيذ، والتي تمثل المحطة الأولى من نوعها في مصر، أصبح الحلم على بُعد خطوات قليلة لأن يتحقق. وغني عن القول أن محطة الضبعة ستنتج كهرباء نظيفة وبأسعار معقولة للمواطن المصري، بالإضافة لتأثيرها الكبير على الاقتصاد المصري، وتأمين إمدادات الكهرباء لعقود قادمة للنمو السكاني المتزايد في مصر، هذا إلى جانب مساهمة المشروع على تنمية البلاد.

 

وإذا أخذنا في الاعتبار العوامل الفنية، واللوجستية، وتلك المتعلقة بالبنية التحتية، وخاصة أنها المحطة النووية الأولي التي تُقام في البلاد، فإنّ هذا المشروع الطموح سيفتح آفاقاً جديدة في مجالات وقطاعات اقتصادية بخلاف الإنشاءات والعمليات التشغيلية وصيانة المحطة، حيث ستخلق المحطة نظام متكامل حول المحطة، مع قدرتها على دعم المشروعات الكبيرة والهامة في العديد من المجالات ذات الصلة.  كل هذا له تأثير اجتماعي هائل، حيث يؤثر بشكل مباشر على حياة المصريين. ويسرد الدكتور/إبراهيم العسيري، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، كم الفوائد التي ستترتب على اقامة أول محطة للطاقة النووية في مصر قائلاً: “سيساعد مشروع الطاقة النووية في الضبعة على دعم الصناعات المحلية، كما يشجع السياحة ويساهم في خلق فرص عمل جديدة تعمل على الحد من البطالة، بالإضافة لمساهمته في خلق بيئة نظيفة “. وهذه هي مجرد البداية لهذا المشروع الطموح!!.

 

وبالنسبة لمطروح التي ظلت تعاني حالة من نقص الخدمات على مدار عقود طويلة بالرغم من موقعها المتميز على ساحل البحر المتوسط، ستشهد المحافظة تغيرات كبيرة بسبب اقامة المحطة النووية بها. إنّ الكهرباء المولدة في محطة الطاقة النووية لن توفر الطاقة المستقرة للمنطقة فحسب، بل ستدعم أيضا تطوير قطاع السلع والخدمات الاستهلاكية نتيجة تحسن البنية التحتية التي تم إنشاؤها خصيصاً لمشروع محطة الضبعة. كل هذه التغييرات سيكون لها دور فعال في تطوير إمكانات المنطقة الكبيرة وغير المستغلة كمقصد سياحي رائع. وقد أعلن محافظ مطروح بالفعل عن خطط استثمارية بقيمة 10 مليارات دولار على مدار السنوات العشر القادمة لإقامة مركز سياحي واقتصادي ولوجيستي غرب مطروح، من المتوقع أن يوفر نحو 25 ألف فرصة عمل.

 

ويضيف الدكتور كريم الأدهم، الرئيس السابق لهيئة الأمان النووى والمتحدث باسم هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمصر، أن محافظة مطروح، باعتبارها المنطقة التي يُقام بها المشروع، ستحصل على المزيد من الفوائد والمزايا كنتيجة مباشرة له. وسوف يتجلى ذلك في البنية التحتية المتطورة التي سيتم إقامتها لتتناسب مع المتطلبات اللوجستية للمشروع، بما ينعكس على خلق المزيد من فرص العمل المباشرة في المشروع، أو بشكل غير مباشر في الخدمات اللوجستية المرتبطة به.

 

ومن الطبيعي أن تصبح محطة الضبعة النووية واحدة من أكبر الجهات الموفرة لفرص العمل في المنطقة، حيث توفر آلاف الفرص للمصريين خلال مرحلة التشييد، وآلاف الفرص الأخرى في العمليات التشغيلية للمحطة وصيانتها خلال مدة خدمتها التي تمتد لأكثر من 60 عاماً. وهذا يعني أنه على مدار عقود طويلة، ستعمل محطة الضبعة الوطنية على توفير فرص عمل مستقرة بأجور جيدة لآلاف المصريين في عمليات التشغيل والصيانة والمهندسين والعلماء والباحثين وغيرهم من المتخصصين.

 

يقول الدكتور/ يسري أبو شادي، كبير مفتشي وكالة الطاقة الذرية الأسبق: “إن المشروعات النووية وغيرها من المشروعات غير النووية المتعلقة بمشروع الضبعة ستتيح وظائف كثيرة يتطلب معظمها تدريبا فنياً للشباب من ذوي المؤهلات العليا أو المتوسطة أو حتى مستويات التعليم الأقل. ومن المؤكد أن هذه المشروعات في الضبعة سوف تقضي بالتأكيد على مشكلة البطالة الموجودة حالياً هناك “.

 

والأهم من ذلك أن روساتوم، وهي الشركة الروسية المسؤولة عن تنفيذ المشروع، ستقوم في إطار عقودها بالمساعدة في تدريب وتعليم الكوادر النووية في مصر، حيث يخضع موظفو محطة الضبعة النووية في المستقبل للتدريب في كل من مصر وروسيا ليصبحوا على دراية بأفضل الممارسات العالمية في القطاع النووي. علاوة على ذلك، يستفيد الطلبة المصريون من برامج التبادل العلمي مع روسيا. فحالياً، يدرس حوالي 50 طالباً مصريا العلوم النووية والموضوعات ذات الصلة بهذا القطاع  في الجامعات الروسية الرائدة في هذا المجال، بالإضافة لمئات الطلبة الآخرين الذين يسيرون على نهجهم خلال السنوات القليلة المقبلة. ويؤكد الدكتور الأدهم ذلك قائلاً: “يُعد التدريب عاملا اساسياً لتوفير الكوادر البشرية اللازمة للمشروع، لذلك فإن التعاون بين مصر وروسيا في برامج التدريب يمثل أمراً ضرورياً لنجاح محطة الضبعة، لأن روسيا هي الجهة المنفذة للمحطة. ويمكن لروسيا أن توفر المواد التدريبية والأفراد والمعدات اللازمة وأن تلعب دورا حيويا في ذلك”.

 

 

من ناحية أخرى، سيؤدي تطوير قطاع الطاقة النووية في مصر وتعاونها مع روسيا في المشروع لتعزيز معايير التعليم في البلاد. ومن جانبها تقول الدكتورة/هدى أبو شادي-أستاذ الفيزياء النووية بكلية العلوم، أنه حتى نتمكن من المحافظة على زخم البرنامج النووي المصري وتقويته في المستقبل، يجب علينا تطوير مناهجنا في الفيزياء، وكذلك العلوم والكيمياء، ودعم إحساسنا بالأمن والسلامة، وهو ما يتطلب أيضاً التحدث بأكثر من لغة أجنبية، من أجل التواصل مع الخبراء الأجانب”.

 

لذلك لا يمكن إغفال هذه المزايا، والتي أصبحت ملموسة بالفعل في مصر، حيث تتقدم البلاد خطوة بعد أخرى نحو امتلاك أول محطة وطنية للطاقة النووية. ولن تقوم محطة الضبعة النووية بتغيير منظومة الطاقة في مصر فقط، ولكنها ستكون من أهم أدوات التنمية الاجتماعية، وكما تقول الدكتورة/ هدى أبو شادي: “بالنسبة لي وللمجتمع ككل فإن مشروع الضبعة النووية هو حلم يتحقق لصالح المجتمع المصر بأكمله”.

 

وتعد محطة كودانكولام النووية، التي قامت بتنفيذها روساتوم أيضاً، في ولاية تاميل نادو جنوب الهند مثالاً حياً على التطور الذي ستشهده المنطقة بعد إقامة المحطة الجديدة. فمنطقة تيرونلفيلي التي تقع فيها المحطة يسكن بها حوالي 3 ملايين نسمة يعتمدون على الاقتصاد الزراعي، مع بنية تحتية بدائية إلى حد ما، كما أن فرص العمل خارج قطاعات الزراعة وصيد الأسماك محدودة للغاية. ولكن بعد إقامة المحطة، شهدت المنطقة تنمية شاملة، بالإضافة لخلق الآلاف من فرص العمل ذات الأجور الجيدة، وتطوير الإسكان والبنية التحتية الإضافية التي استفاد منها السكان المحليون والصناعات التقليدية بشكل كبير.

 

يختتم الدكتور/أبو شادي حديثه قائلاً “إن هناك حاليا 30 دولة حول العالم لديها مفاعلات نووية للأغراض السلمية في العالم. ومن خلال مشروع الضبعة النووي، ستنضم مصر للنادي النووي العالمي. ومن المؤكد أن هذا المشروع والمشروعات المرتبطة به سيكون لها إسهامات كبيرة في تحسين اقتصاد الأمة وجودة حياة المصريين “.