فاروق جويدة: حين تفلس الأحلام

فاروق جويدة: حين تفلس الأحلام

اخطر الأزمات التى يعانى منها الشباب المصرى الآن هى إفلاس الأحلام وانه لا يجد من يسمعه..إن أحلام شبابنا فقيرة جدا وضاقت حوله الأشياء حتى أصبح يشعر باختناق فى كل شىء..إن الزحام يطارده طفلا فى المدرسة ويطارده شابا فى الجامعة انه لا يكاد يسمع صوت أستاذه فى المحاضرة وسط 2000 طالب..هو حين يذهب إلى النادى كبيرا كان أو صغيرا لا يجد مكانا يجلس فيه..وكثيرا ما يجد نفسه حائرا فى الأوتوبيس أو الميكروباص..والأخطر من ذلك كله أن يكبر لديه حلم فى وظيفة أو منصب لأن كل الطرق مغلقة..أجيال الآباء الآن تبخل على الأبناء بالحلم ويقولون إنهم شباب تافه رغم أن الآباء لم يكونوا عباقرة والدليل انهم الآن يسلمون للأجيال الجديدة وطنا مهلهلا فى أخلاقه وعمله وماله وأرضه ..ادعاء الطهارة ليس دائما يقوم على الحقائق..الآباء لم يكونوا عباقرة والأبناء ليسوا عاجزين كما يدعى البعض..قليل من الرحمة..

 

دروس كثيرة نخرج بها من مسلسلات رمضان..إن الخيانة شىء عادى والفساد سلوك محترم مادامت الفيلا والسيارة والواجهة الاجتماعية الكاذبة..إن العفاريت اقرب طريق لحل المشاكل والأزمات..والعرى أفضل وسيلة للصعود..والمال سلطان على الجميع..والتحايل والنصب اقرب طريق للنجاح..والثقافة عبء كبير وثقيل لأنها اقصر الطرق إلى الفشل..

 

لا أجد مبرراً لإسكات أصوات الأذان فى فجر القاهرة صاحبة الألف مئذنة إنها لحظات مضيئة فى جبين قاهرة المعز..وكنت افرح كثيرا من زحام موائد الإفطار وهى تسد الشوارع كل يوم..كنت أشاهد أصحاب السيارات وهم يتوقفون أمام هذه الموائد ومعهم الأطعمة ويفطرون وسط الناس وأنت لا تعرف الغنى من الفقير..لا ينبغى أن نتخلص من هذه الظواهر الجميلة التى تعطى للشهر الكريم رونقا وإحساسا بالرحمة والتكافل..خسرت القاهرة كثيرا فى رمضان هذا العام حين غاب صوت الأذان وحين اختفت موائد الإفطار أمام قرارات وزارية متعسفة لم تقدر ظروف الناس ومشاعر وحرمة الشهر الكريم..حين تغيب الرحمة عن سلطة القرار تفتح الكراهية أبوابها..

 

مازلنا نذكر مواكب مشايخنا الأجلاء من علماء الأزهر وقراء القرآن الكريم وهم يسافرون فى شهر رمضان إلى الدول الإسلامية ولا أدرى لم نعد نسمع عنهم هذه الأيام أين ذهبوا بل أين اختفوا.