%80 من التساؤلات نسائية يجيب عليها رجال

%80 من التساؤلات نسائية يجيب عليها رجال

المرأة فى منصة الإفتاء .. حلم هل يتحقق؟!

وبرغم وجود إجماع فقهي على أنه لا يوجد مانع شرعي من تولى المرأة مسئولية الإفتاء وهي الخطوة التي سبقنا إليها الكثير من الدول العربية والإسلامية،وإذا كانت المؤسسات الدينية سارعت إلى عقد الدورات التأهيلية لخريجات الأزهر، لتأهيلهن علميا ليصبحن مفتيات وواعظات ومرشدات دينيات بالمساجد الكبرى،

فإن السؤال الذي يطرح نفسه: متى نرى المرأة في منصة الإفتاء؟! ولماذا لم نجد لتلك المبادرات أثرا ملموسا على أرض الواقع في لجان الفتوى والمساجد الكبرى بالقاهرة والمحافظات؟!

 

80 % نسبة الفتاوى النسوية

 

وفي جولة بلجان الفتوى بدار الإفتاء ومن خلال متابعة لموقعها الالكتروني يشرح أحمد رجب أبو العزم، مسئول السوشيال ميديا في دار الإفتاء، كيفية تلقى دار الإفتاء الأسئلة النسائية وحجمها خصوصا على الفضاء الالكتروني، ويقول: إن للدار منافذ كثيرة لتلقي الفتاوى والإجابة عن استفسارات المواطنين، منها الهاتفية والالكترونية والمقابلات الشخصية والفتاوى المكتوبة، والأسئلة التي تتعلق بالمرأة لها حظ أوفر، فمثلا الأسئلة عبر الهاتف والموقع ٧٥٪ منها ترد من النساء ومتعلقة بأحكام خاصة بهن، والمقابلات الشخصية تبلغ نسبة تلقي الأسئلة من النساء نحو ٥٥٪ وتقل هذه النسبة في الفتاوى المكتوبة الموثقة، حيث يغلب عليها فتاوى متعلقة بالمواريث والحساب الشرعي للزكاة، أما الحظ الأوفر لأسئلة النساء فتكون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة “الفيس بوك”، حيث تبلغ نسبة الأسئلة الواردة من النساء نحو ٨٠٪ من الأسئلة – بحسب إحصائيات الفيس بوك – وتتراوح أعمارهن بين ١٧ عاما و ٣٥ عاما تليها في التفاعل الشريحة العمرية من ٣٥ – ٤٥ عاما.

 

رأي نسائي

 

هذا الواقع الذي رصدناه في لجان الفتوى دفع الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات العربية والإسلامية بالأزهر والداعية والفقيهة الأبرز علي الساحة النسائية، إلى المطالبة بتخصيص مقعد للنساء في دار الإفتاء ولجان الفتوى بالمحافظات للإجابة علي تساؤلات النساء. وأكدت في بحث فقهي جاء تحت عنوان:”منزلة الفتوى وشروطها”، أنه لا يشترط في المفتي الذكورة، فتصح الفتوى من الحر والعبد والذكر والأنثى، متسائلة: لماذا لا تكون المرأة عضوا بمجمع البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء، خاصة أن الأزهر يحفل بالعديد من العالمات المتميزات فى جميع التخصصات ونحن ندرس نفس المناهج ونحصل على نفس الترقيات؟ ولماذا تحرم العالمة التي درست الفقه المقارن مثلها مثل الرجل، ولكن بكل أسف لا يلتفت إلينا أحد.

 

من جانبها أكدت الدكتورة مفيدة إبراهيم على العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بدمنهور، أن دخول المرأة ساحة الإفتاء خطوة تأخرنا نحوها كثيرا، وإذا كانت المرأة قد اقتحمت في العصر الحالي جميع المجالات وأثبتت جدارتها ونجاحها فيها، فلماذا لا تتبوأ المرأة منصة الإفتاء، خاصة أنه لا يوجد ما يمنع شرعا توليها لهذا المنصب والمكانة، كما أن كثيرا من النساء يمنعهن الحياء من التفقه والسؤال عن أمور دينهن. وشددت على ضرورة تكثيف تدريب الواعظات والداعيات من خريجي الأزهر على فنون الفتوى، وإيجاد فرص لهن فى أماكن لجان الفتوى سواء في الأزهر أو دار الإفتاء، وهذه التجربة سوف يكون لها مردود إيجابي على المجتمع كله. وأوضحت أن لدى الأزهر المؤهلات من الشابات خريجات الكليات الأزهرية، والمتخصصات في الفقه وأصوله من عضوات هيئة التدريس بالجامعة، ما يكفى لإضافة جديدة في الوعظ والإفتاء النسائى.

 

ضوابط وشروط

 

وفى سياق متصل، تقول الدكتورة آمال عبد الرحمن، أستاذ ورئيسة قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالزقازيق، أن الأصل في تولي المرأة مهمة الإفتاء هو الجواز متى توافرت فيها شروط الإفتاء كأن تكون علي علم بالشريعة ومقاصدها وفقهها، وأن تكون مقبولة الشهادة ومن أهل الأمانة والورع والتقوى، موضحة أن فتيا المرأة ليست من الأمور المبتدعة، فقد كانت أمهات المؤمنين يشرحن للنساء الأحكام التي كانت تصدر عن رسول الله، صلي الله عليه وسلم.

 

دورات تدريبية

 

وردا على تلك المطالب النسائية تؤكد دار الإفتاء أنه لا مانع أبدا من قيام المرأة بمهمة الإفتاء، فالفيصل هو العلم والفقه، فالمفتي ليس لقبا، إنما من تنطبق عليه الشروط، يكون مؤهلا للفتوى ويتصدر للإفتاء، ويقول الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية: إن لدينا بالفعل في دار الإفتاء عددا من العاملات والمتدربات في مجال الفتوى، وحرصت الدار على الاعتناء بالمفتيات المتدربات من خريجات جامعة الأزهر للتأهل للجلوس على كراسي الإفتاء خصوصا في شأن النساء، وقد تحقق لنا عدد جيد من الباحثات والمفتيات اللائي يمارسن عملهن في مجال الإفتاء في الدار، ونحن في طريقنا لزيادة العدد وتجويد المعارف الإفتائية لهن مع زملائهن من الذكور، كما نتطلع إلى تمكين المرأة من الإفتاء في كل القضايا ابتداء من القضايا الخاصة بالمرأة، ووصولا للقضايا العامة.

 

كوادر إعلامية

 

وعن تدريب المفتيات على الإفتاء، وتخريج كوادر إعلامية منهن، أوضح الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، أن دار الإفتاء قامت بتدريب عدد من الفتيات من خريجات الكليات الشرعية في الأزهر الشريف على مهارات الإفتاء، وخاصة الفتاوى الخاصة بالنساء، وذلك سدا للحاجة المجتمعية إلى الإرشاد الديني للنساء وتصحيح المفاهيم المغلوطة فيما يخص أمور دينهم، فالكثير من النساء يشعرن بالحرج من طلب الفتوى فيما يتعلق بأمور بالمرأة، وبمجرد الانتهاء من التدريب وزعت المتدربات على إدارات الدار المختلفة للإفادة من مهاراتهن وإفادة الجمهور خصوصا من النساء، كما يستعد المركز الإعلامي بالدار الآن لعمل دورة قريبا بالتعاون مع بيوت الخبرة العالمية في مجال الإعلام وخصوصا البيوت الهولندية، لتدريب أمناء الفتوى من الجنسين على مهارات وآليات الظهور الإعلامي، ولا شك أن العنصر النسائي سيحظى بحظ وفير في هذا التدريب.

 

مبادرة أزهرية

 

وفى سياق متصل، يكشف الدكتور سعيد عامر الأمين العام المساعد للدعوة ورئيس لجنة الفتوى بالأزهر، جانبا من اهتمام الأزهر بتأهيل الأزهريات للعمل في ساحة الفتوى، ويقول: إن الأزهر قام بإعداد دورات تدريبية تخصصية للواعظات فى مجال الدعوة حتى يعلمن كيفية التبليغ، والمنهج الوسطى الذى يدعين إليه، وكذلك دورات تدريبية تخصصية فى مجال الإفتاء، حتى تسير على منهج التيسير فى الفتوى، بعيدا عن الغلو والتشدد، وبيان سماحة الإسلام، وتم تنفيذ جزء من هذه الدورات، وبصدد استكمال الآخر فى الفترة المقبلة، فالمرأة مكلفة بالشرع كالرجل، والأولى والأجدر فى تعليم ما يخص النساء هي المرأة.

 

ترحيب برلماني

 

جهود المؤسسات الدينية في هذا الشأن وجدت ترحيبا برلمانيا، وأكدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة وعضو مجلس النواب، ترحيبها الكامل بأن يكون لخريجات الأزهر المؤهلات تأهيلا صحيحا، دور إيجابى فى الرد على الفتاوى المتعلقة بالمرأة، من خلال مشاركتها فى لجان الفتوى كمساعد للقائمين على عملية الفتوى، أو أن يكون لها مقر فى المعاهد الأزهرية المنتشرة فى جميع محافظات مصر، بعد إصدار قرار بذلك من شيخ الأزهر، بحيث تكون هناك لقاءات أسبوعية مع السيدات والفتيات لتوضيح أمور دينهن وتعليمهن الأمور الشرعية على النهج الوسطى المعتدل.

 

لا يوجد خلاف

 

وحول مشروعية تولى المرأة منصب الإفتاء، يؤكد الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن، أنه لا يوجد خلاف بين الفقهاء على جواز تولِّي المرأةِ الإفتاءَ إذا لم يترتب على تولِّيها ذلك محرَّمٌ، وذلك لقول الله تعالى: (وإذا سألتموهنَّ متاعًا فاسألوهنَّ من وراء حجاب) إذ قال بعض المفسرين: إن المراد من المتاع في هذه الآية هو الفتوى. ومن ثَمَّ فإنها تفيد جوازَ استفتاء الرجالِ أمهاتِ المؤمنين في بعض المسائل من وراء حجاب، وإذا جاز هذا لأمهات المؤمنين فإنه يجوز لغيرهنَّ من نساء الأمة؛ لأنهنَّ لهنَّ تَبَعٌ، وإذا جاز للرجال استفتاءُ النساء من وراء حجابٍ جاز هذا للنساء المسلمات من باب أولى بدونه.