الحروب الاهليه بين الاخوان المسلمون : يأكلون بعضهم بعضا

كتب محمود عبد القادر

هذه مجرد صفحات في كتاب « علي عشماوي » التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمون .

أربعة صفحات دامية من ٢٤ الي ٢٧ .

مسكونة بكل أشكال العنف بين الإخوان الذين يدعون الإسلام . ويدافعون عن الإسلام ..

والإسلام منهم براء ..

لنقرأ معا :

ولقد ظلم الإخوان أنفسهم , وظلموا المسلمين والإسلام حيث تصدوا لهذا الأمر وهم يعلمون من تاريخهم الملئ بالانقسامات والفتن والدسائس ما تضيق له الصدور , فلو تتبعنا الفتنة التى حصلت بينهم من أول مؤامرة تعيين الاستاذ حسن الهضيبى من قبل مجموعة ارادت أن تقوم بانقلاب داخل الجماعة وقد تم لهم ما أرادوا ,

 

حيث جمع الأستاذ منير الدله المجموعة المرشحة لتولى قيادة الجماعة بعد وفاة الأستاذ البنا وهم صالح عشماوى والشيخ الباقورى والأستاذ جمال البنا والأستاذ عبد الحكيم عابدين , والذى كانت عليه بعض التهم الشخصية التى تجعله غير مؤهل لهذا المنصب ,

 

وفاتحهم الأستاذ منير الدله بأنه من المطلوب أختيار مرشد خلفاً للمرشد الراحل , ولكنهم تعففوا جميعاً , فهم جميعاً راغبون فى المنصب , إلا أنهم وكلهم كذلك يريدون أن يختارهم الآخرون لان طلب الولاية لا يولى , واستغل الأستاذ منير تلك الحالة وفاجأهم بعرض أسم الأستاذ الهضيبى , ولم يكن معروفاً بين الإخوان ,

 

ولكنهم لم يعترضوا حياءً مع الاحتفاظ بالضغينة فى داخلهم , ونتيجة لهذا الأسلوب العجيب الذى يعتبر الصراحة ولكنهم يريدون الأمور أن تأتى لهم , ولكن طريق ملتو وغير صريح , وقد تمت الموافقة على أسم الهضيبى وأخذت موافقة الهيئة التأسيسية بالتمرير ,

 

وكان هذا أول نجاح يحرزة صلاح شادى فى صراع مع السندى حيث لم يكن يحبه وكانت المنافسة بينهما كبيرة حتى أن صلاح شادى قد أنشأ له جهازا سرياً خاصاً سمى مجموعة وحدات تولى الأستاذ الهضيبى القيادة وأحاط نفسة بمجموعة المكونة من صلاح شادى ومنير الداله وحسن عشماوى وعبد القادر حلمى وغيرهم ,

 

ولما خرج إخوان السيارة الجيب من السجون ودعى الاستاذ الهضيبى للقاء هؤلاء قولتة الشهيرة : أنا لا أقابل المجرمين والقتله ,

 

وكان لهذا التصريح عمل النار فى الهشيم بين أفراد النظام الخاص , وبدات حركة غير طبيعية بين هؤلاء الإخوان وكان قد تم تعين السيد فايز رئيساً للنظام فى غياب السندى ولما بلغ السندى أن السيد فايز قد وضع ولاءة للمرشد الجديد اشتاط غضباً , وكان شخصية دكتاتورية لا يحب أن ينازعه أحد أو ينافسه أحد , وكان يقضى على جميع منافسية حتى لا يكون على الساحة غيره ,

 

فأرسل للسيد فايز من يقتله فأرسلت له علبة حلوى فى منزله انفجرت حين فتحها , وكان هذا نذيراً للهضيبى أن المجموعة لن تتركة , ولكنه كان صلباً عنيداً جداً , فأصدر قراراً بفصل الأربعة رؤساء النظام عبد الرحمن السندى وأحمد ذكى وأحمد عادل ومحمود الصباغ ,

 

ثم تلاها بكشف آخر به حوالى ستين من القيادات الموالية للسندى منهم الشيخ الغزالى والسيد سابق ويوسف القرضاوى وغيرهم من المناوئين , ترتب على ذلك اجتماعات من طرف مجموعة السندى لخلع الهضيبى .

 

وفى نفس الوقت كان أفراد القيادة السابقة للنظام يتخوفون على ما لديهم من أسرار , فذهب أحمد عادل كمال إلى أحد مرؤوسيه وكان مسئولاً عن النظام فى شبرا وهو الأخ سيد عبده وترك عنده شنطة وجد بها جوازات سفر مصرية بدون أسماء وتقارير لمخابرات الإخوان عن حركة الجيش وتحركات الجيش وتحركات السفارتين الامريكية والبريطانية , وتقارير عن تحركات الشيوعين ,

 

وهكذا ترى كيف يفكر وماذا يبحثونه , وبعدها عمل أحمد عادل على تجميع مجموعة من الإخوان للذهاب عن أسباب الفصل , فإذا لم يجب أجابه واضحة طالبوه بالاستقالة , ثم تذهب مجموعة أخرى الى المركز العام للإعتصام هناك ومحاولة اختيار مرشد جديد ,

 

وكان من هؤلاء صالح عشماوى ومحمد الغزالى وعبد العزيز جلال وسيد سابق وكان المفروض أن يختاروا صالح عشماوى مرشداً جديداً ذهب الى منزل المرشد حوالى عشرين من شباب النظام الخاص من بينهم على صديق وفتحى البوز ومحمود زينهم وعلى المنوفى اتفقوا لانه اكثرهم هدوءاً , زيادة أم مظاهرة ؟ !

 

فقالوا : زيادة ثم بدأ على المنوفى بالكلام فقال : جئنا نسألك عن فصل قادة النظام , ثم قال محمد حلمى فرغل نحن لم نحضر للسؤال , ولكننا فقط تعبنا منك لأنك لا تعرف كيف تقود الجماعة ونحن نطالبك بالاستقاله فلما هم بتركهم والخروج من الغرفة تصدى له محمد أحمد ـ وكان سكرتير السندى ـ وفتحى البوز ومنعاه من الدخول وخلعا سماعة الهاتف فحاول الخروج من الباب المطل على السلم فلحق به على صديق ومحمود زينهم وقام محمود زينهم بحماه وإعادته للغرفة ,

 

وهكذا تعاملوا مع الرجل الذى كان رمزاً للجماعة ومرشداً لها , أردت أن أروى هذا المشهد بالتفصيل حتى يرى القارئ وفى تسوية أمورهم مع بعضهم البعض , فكيف يكون أخلاقهم مع الاخرين وكيف هم إن حكموا , وما الذى يفعلونة مع الناس وهم حكام , أنه الدم والظلم والأستبداد باسم الله !

 

ثم تم احتلال المركز العام بقيادة النظام والاعتصام بداخله حتى يستقيل المرشد , وادعى بعض أن الشيخ سيد سابق ذهب لمقابلة جمال عبد الناصر , وقد عاد من عنده ليخبر الجميع أن جمال يؤيد الإنقلاب على الهضيبى وأنه لن يتدخل فى الأمر ,

 

كذلك ذهب سيد رمضان مكلفاً من قبل المرشد لمقابلة صلاح سالم وزير الارشاد يطلب منه عدم نشر هذه الاحداث فى الصحف , وقد وافق صلاح سالم إلا أن عبد الناصر تنشر ما تشاء , وقد ذكر أحمد أبو الفتوح أن جمال عبد الناصر سمح له بالنشر ,

 

والمهم فى هذه الملحمة التى شارك فيها المرشد ورجاله وصلاح شادى ورجاله والسندى ورجاله , وكلهم كان يخاطب جميع الإخوان عن السمع والطاعة حتى أنتهى احتلال المركز العام بقيام المجموعات التابعة للأستاذ صلاح شادى بدخول المركز العام وطرد المتمردين منه , وانتهت الازمة ونجح صلاح شادى فى تدعيم مركزه داخل الجماعة عن طريق المرشد الذى اختاروة ,

 

إنى حين أقرأ تاريخ الإخوان أشعر بالفزع حين يتحدثون عن العمل بالسياسة أو تكوين حزب سياسى , ولهذه الاسباب أولها أن تاريخهم مع بعضهم البعض , ثانيها أن فكرهم السياسى ضحل جدا  , ورؤيتهم السياسية قصيرة النظر وثالثها أنهم ليس لديهم الفكر والدرسات اللازمة للعمل السلطوى فهم ليسوا رجال سلطة لأنهم حالمون ورومانسيون أكثر منهم عمليون والنجاح فى الحكم غير النجاح فى قيادة الجماعة ,

 

هذا ان كانوا يريدون أن يعدلوا بين الناس وأن يخدموا الناس , وقد كان فى صدر الاسلام رجال طيبون عابدون ولكنهم لم ينجحوا حكاماً , ومن هؤلاء سيدنا عثمان بن عفان والذى كان صحابيا كبير القلب , ولكنه لم يكن حازماً , وقام بأخطاء أخذت عليه حتى اجترؤا عليه وأن بعض الصحابة فى المدينة كتبوا لزملائهم فى البلاد الأخرى أن عودوا فالجهاد هما قد الخليفة .