عماد الدين حسين:كيف سترد مصر على تركيا؟ 

كيف سترد الحكومة المصرية على النداءات التركية المتكررة فى الفترة الأخيرة بإعادة استئناف وتطبيع العلاقات خصوصا فى شقها الاقتصادى؟!.

أظن أن هذا السؤال يشغل كثيرين فى البلدين والمنطقة، بعد أن صار لا يمر أسبوع إلا ونسمع تصريحا لمسئول تركى يتحدث فيه عن قرب تحسين علاقات البلدين.

 

قبل أيام قليلة سألت نفس السؤال لدبلوماسى مصرى، ومما فهمته، فإنه لا توجد مشكلة اطلاقا بين مصر والشعب التركى، لكن هناك مشكلة مع النظام التركى، وبالأخص مع الرئيس رجب طيب أردوغان، لأن هناك أصواتا تركية معتدلة كثيرة فى الحكومة.

تسمع الحكومة المصرية تصريحات متناقضة مستمرة تخرج من تركيا، أولها معتدل صادر من مجمع الصناعة والتجارة، ويضغط فى اتجاه تحسين العلاقات مع مصر، خصوصا انه المتضرر الأكبر من تردى العلاقات. أنصار هذا الفريق يريدون المحافظة على حجم تبادل تجارى بين البلدين يزيد على أربعة مليارات دولار ونصف المليار دولار معظمها يصب فى الجانب التركى، بعضها صادرات وبعضها استثمارات فى مصر.

 

الجزء الثانى متشدد ويخرج فى الأساس من مؤسسة الرئاسة، وفيه يتعامل أردوغان مع مصر وكأنه عضو فى مجلس شورى جماعة الإخوان أو مكتب إرشادها. يتصرف بطريقة لا تصدر أحيانا من بعض قادة الجماعة المصرية. عند لحظة معينة توقفت القاهرة عن الرد على هذه التصريحات الأردوغانية المتطرفة، بسبب انحيازها الفج إلى وجهة نظر الجناح المتشدد داخل الجماعة.

 

يقول دبلوماسى مصرى: «إن القاهرة ترحب بطبيعة الحال بالتصريحات الإيجابية التى تصدر من أنقرة، والرئيس السيسى قال قبل أيام إن مصر تعطى تركيا الوقت الكافى لتعيد تقييم موقفها، لكن الكرة فى ملعب تركيا لأنها التى بدأت التدخل فى الشئون الداخية المصرية، وهى التى انحازت لوجهة نظر الإخوان، استضافت قادة وكوادر الجماعة وفتحت لهم الفضائيات، لمهاجمة الحكومة والرئيس، والتحريض على العنف والإرهاب علنا، وبالتالى فإنه فى اللحظة التى ستتوقف فيها تركيا عن ذلك، لن تكون هناك أى مشكلة.

 

يضيف المصدر أن القاهرة لم تلجأ إلى وقف التجارة بين البلدين اثباتا لحسن النية، لكن لا يمكن تصور أن تستمر تركيا فى جنى كل المكاسب من دون أن توقف التحريض.

 

من بين المعلومات أيضا أن تركيا اقترحت إرسال وفود من غرف التجارة والصناعة إلى مصر لكن القاهرة لم ترد بصورة نهائية على المقترح التركى. والمؤكد أن كلا من المملكة العربية السعودية ثم روسيا حاولتا تلطيف الأجواء بين القاهوة وأنقرة.

 

إذن ما هى العقدة أو الأزمة؟!.

تريد تركيا أن تفصل بين المسارين السياسى والاقصادى. أى تستأنف العلاقات الاقتصادية مع مصر لأنها المستفيد الأكبر منها، لكى ترضى رجال الأعمال الأتراك المصدرين إلى مصر والمستثمرين فيها، على أى يستمر موقفها الداعم لجماعة الإخوان كما هو.

 

يقول الدبلوماسى المصرى: ما صدر عن رئيس الوزراء بن على يلدريم مساء الجمعة الماضى كان مختلفا، لأنها المرة الأولى التى لم تربط فيها تركيا تطبيع العلاقات بأى شروط.

 

أغلب الظن كما فهمت من الحديث مع أكثر من مصدر فإن القاهرة ليست مستعجلة فى شىء. إذا كانت تركيا جادة فعلا، فهى تعرف ما ينبغى فعله. لكن المؤكد أن القاهرة لن تقبل بالصيغة التركية الراهنة التى تجعل رجال أعمالها وتجارها ومستثمريها يمارسون فيه التجارة مع الجانب المصرى، فى حين تستمر هى فى دعم جماعة الإخوان وفتح «فضائيات الفتنة والتحريض» على حد قول المصدر.

 

السؤال: ما الذى سيحدث فى المستقبل؟!. الاجابة هى كل شىء وارد ويتوقف جزء منه على الموقف فى سوريا، وضغوط مجتمع الأعمال التركى، وأن تصل إلى أردوغان قناعة أساسية أن جماعة الإخوان لن تعود للحكم مرة أخرى فى الأجل المنظور، كما يقول الدبلوماسى المصرى.