عندما يصبح الحلم حقيقة

إيجى 2030 /

محمد أحمد خضري هو شاب مصري في الخامسة والعشرين من العمر، استطاع أن يحقق تحولاً في حياته من خلال موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ومبادرة “التعليم من أجل التوظيف| مصر”، وهي عبارة عن مؤسسة غير حكومية تعمل على سد الفجوة بين متطلبات القطاع الخاص من فرص التوظيف واحتياجات الشباب من ذوي الإمكانيات البسيطة. وتقوم هذه المؤسسة بتنفيذ برامج تدريبية بناءً على احتياجات السوق وذلك من خلال ارتباطها بشبكة وظائف فعلية يحتاجها السوق المصري.

 

وُلد محمد في محافظة قنا بصعيد مصر، وتربى في كنف والدته، وهي ربة منزل، ووالده العائل للأسرة الذي كان يعمل في تجارة قطع غيار السيارات. وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي المتواضع للأسرة التي تتألف من خمسة أبناء بالإضافة إلى الأب والأم، لم يقف ذلك حائلاً بينه وبين تحقيق طموحه.

 

تحدّى محمد كل هذه الظروف القاسية التي مرّ بها في حياته وحصل على درجات مرتفعة في الشهادة الثانوية أهّلته لأن يلتحق بكلية الهندسة في تخصص الهندسة الإلكترونية بجامعة أسوان، وهي واحدة من أصعب الكليات في المرحلة الجامعية بمصر. وكان محمد يرى أن الدراسة بين جدران قاعات المحاضرات وحدها لم تثرِ شغفه بهذا المجال، لذا فقد قام بالتواصل مع أقرانه من أصحاب القدرات الابتكارية بهذا المجال ليتدرب عن قُرب على مشاريع بناء الروبوتات.

 

إلا أنه بعد تخرجه من كلية الهندسة والانتهاء من فترة التجنيد الإجبارية بالقوات المسلحة، لم يتمكن محمد من الحصول على وظيفة ثابتة ولم يعرف إلى أين يتوجه. انخرط في بعض الأعمال الفردية والتحق للعمل بدوام جزئي في شركة صغيرة تسمى “مضخات الغواصات الكهربائية” والتي كان يتقاضى منها أجراً غير منتظم لم يستطع محمد من خلاله الإنفاق على نفسه.

 

ولطالما كان محمد يتوق إلى وضع اجتماعي أفضل، فقد ألهمته قصة قرأها ذات يوم على موقع “فيسبوك” لشاب مصري يدعى أحمد صقر والذي كان يتقاضى أجراً غير ثابت لفترة من الزمن إلى أن سمع عن مؤسسة “التعليم من أجل التوظيف| مصر”. وتعرف محمد من خلال هذه القصة على الظروف التي مرّ بها هذا الشاب إلى أن شق طريقه نحو الحصول على وظيفة مرموقة في موقع “سوق. كوم”، وهو أكبر موقع للتسوق والتجارة الإلكترونية في العالم العربي، وذلك بفضل منحة التدريب التي حصل عليها من خلال المؤسسة.

 

وفي هذا الصدد يقول محمد: “عندما قرأتُ قصة أحمد، كان كل ما يشغلني هو تصور المرارة التي شعر بها كلانا. فقد خاض أحمد الظروف نفسها، من حيث القيام بأعمال لا تناسب تخصصه. لقد مستني كل كلمة قالها أحمد.” كذلك وفّرت صفحة “التعليم من أجل التوظيف| مصر” لأحمد كافة المعلومات حول برنامج التدريب للتوظيف الذي يزوّد المتدربين بالمهارات اللازمة للتوظف ويساعدهم على استكشاف الفرص المناسبة لتخصصاتهم.

 

ساهمت تفاصيل هذه القصة في تشجيع محمد على الالتحاق ببرنامج “التعليم من أجل التوظيف| مصر”. ويستذكر محمد هذه التفاصيل مؤكداً أنها وضعته على المسار الصحيح في الوقت الذي لم يدرك إلى أين يتوجه. وبالإضافة إلى إكسابه المهارات الوظيفية والفنية اللازمة فقد أتيح لمحمد الإلمام بالمهارات العملية التي تطلبها جهات العمل، مثل التحلي بروح الفريق والتعليق على موقف ما أو تلقي التعليقات حول موقف ما وكتابة السيرة الذاتية، والأهم من ذلك معرفة السلوك الصحيح الواجب اتباعه أثناء إجراء مقابلة التوظيف.

 

تخرج محمد من برنامج التدريب التابع لمؤسسة “التعليم من أجل التوظيف| مصر” في يونيو 2014 والتي سرعان ما مكّنته من حضور مقابلة التوظيف في إحدى الشركات الصغيرة وتسمى “إيسار”. وكانت الوظيفة المتوفرة آنذاك هي وظيفة مندوب مبيعات، حيث كان محمد قد خاض عدداً كبيراً من المواقف أثناء البرنامج التدريبي بالمؤسسة أهّلته لأن يمتلك كافة أدواته أثناء مقابلة التوظيف. اجتاز محمد الاختبار وسرعان ما تم تعيينه في الوظيفة التي تقاضى منها 2000 جنيه مصري شهرياً (ما يعادل 265 دولاراً أمريكياً) وهو أجر ممتاز كبداية فضلاً عن أنه أعلى من الحد الأدنى للأجور في هذه الدرجة الوظيفية.

 

ويعلّق محمد على ذلك بالقول: “كانت تجربتي في إيسار غاية في التحدي. فلم أكن أرغب في البقاء داخل المكتب طيلة اليوم، لذا فقد طلبت الخروج إلى موقع العمل الميداني كي أبدأ المبيعات.” وبنهاية شهره الثاني في الشركة، كان محمد قد زار أكثر من 20 شركة وشملت المبيعات التي قام بها أكثر من 27 علامة تجارية من المنتجات الكهربائية، يندرج تحت بعض هذه العلامات أكثر من 5000 منتجاً متنوعاً.

 

 

وبعد مضي حوالي عام، اكتسب محمد خبرة في هذا المجال، ومن ثم انتقل إلى العمل في شركة “السويدي للحلول الإلكترونية”، وهي شركة أكبر كثيراً من الشركة التي كان يعمل بها حيث تقاضى راتباً شهرياً يعادل ضعف الراتب القديم.

 

ويعود محمد بالذاكرة إلى الوراء عندما كان ينحت الصخر لكي يكسب لقمة عيشه في بلده قنا، وكيف خدمه الحظ عندما تعرف إلى قصة الكفاح للشاب المصري أحمد صقر على موقع “فيسبوك” والمسار الذي ساهم في توجيهه، قائلاً: “تعلّمتُ من خلال مؤسسة التعليم من أجل التوظيف| مصر أن كل ما أقوم به له قيمة.”