خناقة على ضفاف ملعب!   

بقلم حسن المستكاوي

** ماحدث بعد مباراة المصرى وغزل المحلة كارثة أخلاقية ضمن كوارث إدارية ورياضية عامة. وأتحدث هنا عن المشهد كله، بكل ما جرى من ضرب وركل واشتباكات. ويؤسفنى أن يقول مدير الأمن إنه لم يحدث شىء. كل هذا الركل والضرب ولم يحدث شىء. هل كنت تنتظر سقوط ضحايا كى تستفز وتستنفر وتعلن رفضك وغضبك. عفوا جدا جدا إن تصريحك لا يختلف كثيرا عن التصريح بأن كل المصريين فى شنغهاى بخير حين يقع زلزال حتى لو لم يكن هناك مصرى واحد.

 

** كان مشهد حسام حسن وهو يطارد المصور أو شخص ما، لسبب ما، كان مشهدا مسيئا ومؤسفا. فمهما كان السبب، لا يمكن تبرير هذا الضرب والركل. كيف يمكن أن يبرر إنسان هذا الفعل. خاصة أنه لاعب دولى سابق ومدرب ومدير فنى وشخصية رياضية عامة، وكان عليه أن يتحلى بسلوك المسئولية. والواقع أن المشهد لا يقتصر على حسام حسن. المشهد كله خزى وعار على الرياضة، وكل من شارك فى العنف والضرب يجب أن يعاقب.

 

** ويؤسفنى وقد كثر الأسف، أن التغطيات الإعلامية اقتصرت على الخبر، ولم أسمع رأيا ينتقد بقوة. ومن انتقد بقوة فى البداية، عاد وتراجع، وارتسمت على الوجوه علامات الصمت، وأحيانا ابتسامة الخجل أمام المداخلات التليفونية، ثم لماذا هذه المداخلات كيف تسمحون بتفسيرات للضرب والركل والاعتداء مهما كانت الأسباب، وكيف لا يناقش إبراهيم حسن بقوة وحسم فيما قاله بشأن اللائحة وفوز سموحة بالمركز الثالث؟ فهل اللائحة وزعت على الأندية مع بداية الموسم أم أنها طبخت بليل قبل اليوم الفاصل.

 

** إقحام بورسعيد فى القصة مرفوض. مالها بورسعيد ومال هذا العنف؟ إن كل من يقحم بورسعيد أو المصرى هو يتاجر بهما، ويزايد بهما، ويحتمى بهما، ولا أظن أن بورسعيد توافق على هذا المشهد المسىء للرياضة ولكرة القدم. ولو كان هناك بعض المتعصبين هنا أو هناك، فلا جديد للأسف، فالإعلام ينحنى، والأندية تنحنى، والاتحاد ينحنى. الكل يتراجع ويتنصل، وأسود المقاهى و«الفيس بوك» لاتراهم هم الآن فى حالة الكلام الساكت.. فنحن فى زمن ظلام سلوك، وظلام أخلاق، وظلام إدارة، وظلام حوار، وظلام رياضى، وظلام مشاكل، وظلام البلطجة.

 

** لا أستطيع أن أعدد مظاهر الفوضى فى ساحات كرة القدم المصرية، وفى عقول الرياضيين، وقد وصل الأمر فى يوم من أيام عام 2009 إلى الاحتفال والادعاء بأن «الله سبحانة وتعالى» أنصفنا لأننا لم نصل إلى كأس العالم ولكننا حصلنا على المركز التاسع فى تصنيف الفيفا، وكان ذلك بيعا للوهم والغيبوبة ومنتهى الظلم لعقولنا ولضميرنا ولأخلاقنا أيضا فقد أشاع هؤلاء الحمقى أن احتلال منتخب مصر للمركز التاسع تعويضا حقيقيا عن المشاركة فى كأس العالم. وكان ذلك من كوارث إصابة العقول التى تفكر بخلل يفوق الوصف، وهى كارثة لا تقل عن أى كارثة أخرى، مثل اللعب بكرة النار، وتصدير الاحتقان للجمهور، والتجارة بالمشاعر والعواطف، ومثل الضرب والركل قبل اللعب، وأثناء اللعب، وبعد اللعب. ومثل تلك الخناقة التى وقعت على ضفاف ملعب الإسماعيلى.

 

** لن أعلق مرة أخرى على مثل تلك الكوارث الرياضية، لأننى أعلق من 40 سنة و«مفيش فايدة».