المصرى.. ومائدة رمضان

عباس الطرابيلي

السؤال الأكثر انتشاراً – الآن – بين كل المصريين: ماذا على مائدة الإفطار!! ولن نكرر هنا ما يقال إن المصريين ينفقون على طعامهم – فى شهر الصيام – أربعة أمثال ما ينفقون فى أى شهر آخر!!

 

وللمصريين طقوس غذائية تتنوع حسب الجو!! هناك طعام لو جاء شهر رمضان فى الشتاء.. يختلف عما إذا جاء فى الصيف.. أما التسالى فهى واحدة.. ولا تستعجلوا.. لأن التسالى – بين الإفطار والسحور – تكون أكثر تكلفة من طعام الإفطار.

 

ففى الشتاء – الرمضانى – يحب كل المصريين الإفطار شديد الدسامة.. حتى فى نوع اللحوم.. حمراء.. أو بيضاء. وكذلك الخضار المصاحب.. إذ هناك خضروات شتوية وأخرى صيفية، ولا يستغنى المصرى شتاءً مثلاً عن البامية باللحمة الضانى، أو حتى قطعة من «الّلية» وأيضاً السبانخ بالحمص وكفتة «الكور» والكسبرة والتقلية «التقيلة» وأيضاً صينية البطاطس باللحمة الريش، أو اللحمة الملبسة بالدهن، أما خضار الصيف الرمضانى فهو الفاصوليا الخضراء والبسلة، وإياكم والمسقعة فى الصيف، ليس بسبب زيت تحمير الباذنجان فقط.. ولكن نسبة الدسم الموجود فى اللحم المفروم.. أو حتى الباشميل!!

 

ولكن اللحم لا يعرف إن جاء رمضان صيفاً أو شتاءً.. فاللحم هنا محمر أو مشوى.. أو حتى مسلوق عليه كميات من الفلفل المجروش والكمون.. ويشترط أن يكون اللحم على شكل «هبر» وملبسة.. مهما كانت طريقة إعداده، حتى ولو فى المحشى.. ونسبته لباقى مكونات الحشو تختلف حسب «ما فى الجيب» ويمكن الاكتفاء بكمية من «لية الخروف» والبعض يعشق الحمام، مشوياً أو محشياً.. أو فى «البرام»، والمصرى يرى فى الحمام قوة سحرية.. ولهذا يقدمونه، ليلة الدخلة!! وفى بعض المناطق يشترط أن يكون البط أهم ما على مائدة إفطار اليوم الأول. والبط أنواع: بلدى صغير الحجم، «ولكنه يؤدى الطلب» أو بط سودانى يتميز بكثرة اللحم، وبالذات لحم الصدر.. أما عشاق الشوربة لعمل «الرقاق» فإنهم يفضلون البط المرجان، ولابد من القلقاس مع دكر البط، حتى ولو كنا فى عز الصيف، أما الكبد والقوانص فتصلح لحشو رقائق «الرقاق البلدى»، أو تقطيعها مع الزبيب وبعض الفواكه المجففة وقليل من البصل المحمر، ويرش كل ذلك على قالب الأرز!!

 

والمصرى يعشق مع كل ذلك «سلطانية الطرشى البلدى» ولك أن تختار إما مياهه الحلوة.. أو الحارة.. أو شديدة الحرارة، ولا يقبل المصرى فى رمضان طبق السلطة الخضراء، البلدى.. المشكلة.. ويدعى أن الطرشى البلدى يفتح الشهية.. ولا يجب أن تكثر أطباق المقبلات أمامه، على عكس اللبنانى، الذى هو أفضل من يأكل بين العرب.. ولا يأكل إلا إذا كانت المائدة تضم 48 طبقاً من المقبلات أشهرها التبولة.. وتمتد إلى الكوارع بالزبادى.. وتخيلوا 48 طبق سلطات.. فماذا بقى فى المعدة لتستقبل الطبق الرئيسى!! أما عندنا فإن طوابير عشاق الطرشى تبدأ من صلاة الظهر.. إلى ما قبل أذان المغرب بلحظات.. وشهر رمضان هو أهم موسم لمحال الطرشى، وبالذات فى الأحياء الشعبية.. وإن وجدنا أحدث السيارات الخاصة تقف على البعد.. فالكل لا يقاوم سلطانية الطرشى البلدى وفيها 10 أنواع على الأقل: لفت وخيار وجزر وكرنب وزيتون وبنجر.. وفلفل، وشطة، وكله بالطلب.

 

ولكن ماذا عن «الشوربة» وقد برع المصرى فى إعدادها صيفاً وشتاءً وهى ضرورية على مائدة الإفطار.. لتشجيع المعدة على استقبال طعام الإفطار.. ومع ذلك فإن المصرى، على قدر ما يملأ معدته على الإفطار فإنه لا يأكل كثيراً عند السحور!! وإذا كان منهم من يكتفى بالزبادى وقليل من الخبز البلدى وحبات من الرطب أو التمر.. فإن منهم من يعمد إلى طبق الفول لأنه الوجبة الوحيدة التى تحتاج إلى أطول وقت لإتمام عملية الهضم.. ولهذا يعشقها المصرى.. وسوف نخصص حلقة هنا عن أنواع المدمس التى برع فيها المصرى.. وإن كان يبتعد تماماً عن الطعمية.. فى رمضان.

 

وإذا كان المصرى ينفق كل دخله على وجبة الإفطار.. إلا أنه ينفق أكثر على التسالى: من قمر الدين إلى الياميش.. إلى أنواع الحلويات التى أشهرها الكنافة والقطايف التى تنوعت بشكل رهيب.. وينفق المصرى – ما بين وجبة الإفطار.. ووجبة السحور – ما يجعله عموماً شديد الإسراف.. وتعالوا.. بكرة!! المصرى اليوم