مكرم محمد احمد :سرت تحررت لكن الخطر قائم

تحررت مدينة سرت الليبية من أسر داعش، وتمكنت قوات حكومة الوحدة الوطنية التى يرأسها فايز السراج من دخول المدينة تحت حماية عمليات القصف الجوى الأمريكى الذى تواصل على امتداد الأسابيع الثلاثة الأخيرة على كل دفاعات داعش وإجبار مقاتليه على مغادرة مواقعهم والفرار جنوبا الى مناطق الحدود بين ليبيا وتشاد ومالى، ومعظمهم تونسيون عملوا فى صفوف داعش فى سوريا والعراق وعادوا أخيراً إلى ليبيا، يأملون فى تحويلها إلى قاعدة بديلة تنطلق منها عمليات الارهاب ضد مصر ودول شمال إفريقيا، وفى تقدير المراقبين أن الذين هربوا جنوبا تتجاوز أعدادهم أربعة آلاف مقاتل، وثمة توقعات عالية بأن تتمركز هذه القوات على حدود ليبيا الجنوبية لتهدد أمنها الوطنى، وربما تشكل تحالفا خطيراً مع منظمة بوكو حرام النيجيرية التى تعمل فى مناطق تشاد والنيجر ومالى !

 

لكن ثمة حقيقة مهمة يكشف عنها هروب مقاتلى داعش جنوبا تؤكد، أن داعش لا يجد فى ليبيا مناطق حاضنة تمكنه من أمن يعشعش هناك ويرسخ وجوده فى ليبيا، لأن غالبية القبائل الليبية فى الشرق والغرب ومعظم الأهلين يرفضون فكر هذه الجماعات ويمتنعون عن إعطائها ملاذا آمنا، وهذا فى حد ذاته عامل مهم يدعو الى التفاؤل، لكن ماذا إن تمكنت هذه الجماعات من توثيق علاقاتها مع بوكو حرام وترسيخ وجودها جنوب ليبيا..، هذا هو التحدى الخطير الذى يواجه الليبيين ولا سبيل إلى مقاومته إلا بترميم الجبهة الداخلية التى تعانى صراعات عديدة،أغلبها صراع على السلطة أخطر أطرافه أمراء الحرب الليبيون الذين يتمكنون بقوة السلاح من تعزيز مكانتهم.

 

وبرغم نجاح المبعوث الأممى فى جمع هذه الأطراف المتصارعة على مائدة حوار استمر 18 شهرا، أسفرت عن تخفيف حدة هذه الصراعات وتوافق الجميع على خارطة طريق هدفها الأخير إجراء مصالحة وطنية ليبية شاملة، سياسية وجبهوية وعقائدية، إلا أن الطريق لايزال محفوفا بمخاطر عربية واقليمية ودولية، فضلا عن تجاهل الجامعة العربية وعزلها عن كل جهود الحوار والتسوية التى تجرى تحت مظلة الأمم المتحدة ! الاهرام