مرسى عطا الله.. وقف الاستثناءات.. بداية الانضباط!  

قل ما شئت عن تعدد الأسباب التى صنعت التقدم لكثير من دول العالم ولكن يظل هناك عنصر مشترك اسمه «الانضباط» باعتباره ألف باء السلوك فى هذه الدول وجوهر الثقافة المجتمعية على أساس أن أداء الواجب يسبق دائما المطالبة بالحقوق مع وجود توافق مجتمعى عام حول رفض الاستثناء فى أى شىء وفى أى مجال وتحت أى ظرف.

 

والحقيقة أن الانضباط يصعب الرهان عليه فى أى مجتمع يغيب عن أفراده الفهم الصحيح لحدود حرية الفرد التى تنطلق من احترام حقوق الآخرين ومرعاة الصالح العام وإدراك الخيط الرفيع الذى يفصل بين الحرية والفوضى… فالانضباط بمعناه اللفظى هو الجدية والدقة والالتزام وحسن أداء الواجب واحترام حقوق الغير والقدرة على التمييز بين ما هو مشروع وجائز وبين ما هو محظور وغير مباح.

 

إن الانضباط يبدأ من نقطة اتفاق عامة تنتصر على طول الخط لقوة القانون وهيبة السلطة واحترام حرية الفرد وشعور الكافة بأن الكل أمام القانون سواسية وأن التعامل مع القضايا والأحداث لا يعرف المعايير المزدوجة… ثم إن الانضباط يتحقق فى دولاب العمل عندما يفهم المسئول الأكبر فى أى موقع أنه يمثل القدوة فى الالتزام بمواعيد العمل والعدالة فى تعامله مع مرؤوسيه ورفضه الكامل للحلول الوسط أو التهاون مع أى خروج على اللوائح والقوانين المنظمة للعمل.

 

وإذا كنا فى مصر نستهدف بناء دولة جديدة فإن السبيل الوحيد أمامنا هو امتلاك القدرة على تغيير أنفسنا لكى يحل الانضباط محل السلبية ولكى تسود روح الجدية فى العمل وتختفى روح التراخى واللامبالاة.

 

ولعل أهم دروس السنوات الخمس العجاف الأخيرة هو الفهم الخاطيء لحرية الفرد ومحاولة تقنين الانفلات السلوكى الذى لم نحصد من وراءه سوى تعميق السلوكيات الفوضوية ومن ثم يتحتم علينا وقف كل هذه التداعيات السلبية من خلال سرعة وصحة الإدراك بأن الانضباط الغائب لا يتحقق بالوعى فقط وإنما يتحقق بالإعمال الصحيح للقانون وتطبيق بنوده بعدالة وصرامة على الكافة دون استثناء… وكفى احتمالا لمخالفات وتجاوزات تخرق العين ولا تخضع للمساءلة والحساب. نقلا عن الأهرام