القشرة الزائفة والشعور بالنقصد.احمد فخرى

القشرة الزائفة والشعور بالنقصد.احمد فخرى

د.احمد فخرى
يولد الإنسان ولديه شعور بالنقص بشكل بسيط، هذا الشعور بالنقص نابع من كون الطفل الوليد ما زال ضعيفا يعتمد على الآخرين ينظر إلى الآخرين على أنهم يستطيعون فعل الأشياء وهو ما زال لديه الاتكالية على الكبار لإنجاز المهام ، وهناك من الأطفال والمراهقين ممن تترسخ لديهم عقدة النقص خاصة لو هناك مقارنة واهتمام بإخوة أو أخوات آخرين داخل الأسرة، مما يشعر الفرد بأنه أقل من الآخرين ويبدأ فى التعامل مع الآخرين من هذا المنطلق ، فيصبح لديه شعور متأصل ومتلازم بأنه أقل من الآخرين سواء على مستوى الذكاء أو المستوى المادى أو غيرها من الجوانب الحياتية التى تعتبر قشرة أو غطاء يقوم هذا الشخص بالاختباء أسفله لكي يحتمي في البداية من أعين الناس ونظرتهم له ويحتمى من نفسه بادعاءات واهية وأحلام يقظة ليس لها واقع على أرض الحقيقة
ونجد أن مقابل عقدة الدونية عقدة الاستعلاء وهي بمثابة القشرة الحامية من عقدة الدونية لدى البعض ، وكثيرا ما نصادف تلك الأنماط من اضطرابات الشخصية سواء داخل الأسرة أو أفراد العمل أو بعض الأصدقاء ، ونجد أن المواطن البسيط يدرك طبيعة تلك الشخصية ويصنفها ويتعامل معها على أساس من العظمة الواهية أو الزائفة
وكثيرا ما نجد أن من يعانى من عقدة الاستعلاء يتصرف وكأن المحيطين به يتناسون أصله وفصله ونشأته ونجد أنه هو الوحيد الذي ينسى الخلفية والنشأة التاريخية وأصله ، فنجده يتصرف ويتعامل كما لو كان قد نشأ فى قصور وتربى فى مدارس الطبقة الراقية ، ينفق على المظهر والملبس مبالغ باهظة حتى يظهر بمظهر الطبقة الراقية، وهذا بالطبع بالنسبة لمن تملك المال بعد فتره من العذاب والضنك ، أما بالنسبة للقابع فى دوامة العوز والحاجة ولديه عقدة النقص والاستعلاء نجده يتحدث بلهجة تختلف عن لهجة الحاضرين ويحفظ بضع كلمات من اللغة الأجنبية للاستعراض بها أمام الحضور ، ويتحدث فى بعض الموضوعات والأحاديث التى تلفت الانتباه إليه وكأنه عالم ببواطن الأمور أو لديه أسرار الكون أو يعلم ما لا يعلمه بقية الحضور ، يتصيد للآخرين الأخطاء ويظهرها رغبة منه أنه هو الذى يتمتع بالكمال ، يوحي للآخرين بأنه يتملك بعض الخصال والقيم التى لا يتمتع بها الآخرون ليس كوصف لشخصيته بل لاستعراض نفسه والتباهي بما ليس فيه كنوع من التعويض وجذب الانتباه إليه
ويطلق عليه فى المثل الشعبي ( أقرع ونزهى ) ، دائما يقلل من الآخرين ويتصيد لهم الأخطاء حتى يظهرهم بمظهر الضعف فيشعر هو بالقوة.
وعندما تكون عقدة النقص فى كامل أدائها وتغولها لدى الشخص تؤثر على أداء الشخص وتشل حركته فى السعى نحو تحقيق الأهداف أو الآمال فتفقد الشخص ثقته بنفسه ، ويفقد الشخص إيمانه و قدرته على تحقيق أى فعل يدفعه للأمام ، ويرجع هذا فى الغالب لانشغال الشخص بالحيل الدفاعية وحماية نفسه أمام الآخرين من نظرة الدونية والاستعاضة عنها بالاستعلاء والتكبر لحماية ذاته من الانجراح الداخلى ومداواته.
وإذا نظرنا نظرة أعم وأشمل ومتسعة، نجد أيضا أن على مستوى دول العالم الفقير منها والغنى دول الشمال ودول الجنوب ، الدول الكبيرة فى الحجم والقوة والسيطرة والدول الصغيرة فى الحجم والهيبة والقوة، نجد أن عقدة النقص وعقدة الاستعلاء واضحة وتشخيصها سهل وبسيط ، نجد أن الدول المتقدمة على مستوى الشعوب لا يهتمون بالمظاهر والتباهى والتفاخر على مستوى الأدوات الشخصية ـو السيارات وامتلاك الأشياء من أجل التباهي بل على العكس نجد البساطة والذوق والتواضع فى أساليب الحياة وأدوات المعيشة لديهم وعلى العكس نجد بعض الدول الصغيرة من حيث المساحة والقوة والتاريخ والنشأة، نجد تلك الدول تتفاخر وتتباهى بالأدوات والمباني وأساليب الرفاهية والسلوك الاستهلاكى والتفاخر بالسيارات وماركات السيارات والموبايلات وغيرها من أساليب الرفاهية كنوع من التعويض أو غطاء أو قشرة للحماية من الشعور بالنقص فى مقابل الشعور بالاستعلاء والتعالى ، أتمنى أن لا نقارن أحدا بأحد وأن نعيش أخوة متحابين فى سلام وإخاء كل منا يركز فى تحقيق أهدافه والعمل على إسعاد أسرته والمحيطين به ونشر الطاقة الإيجابية بين المحيطين والابتعاد عن المقارنات والأحقاد والتسلق على أكتاف الآخرين،
وللحديث بقية… نقلا عن صدى البلد