رمضان والكاذبون المتجرئون

رمضان والكاذبون المتجرئون

بقلم : محمود حبسة

نعم رمضان على الأبواب كل عام والأمة العربية والإسلامية بخير وسعادة، كل عام ومصرنا العزيزة أقوى وأكبر وعلى طريق النمو والحق تمضي لتحقيق أحلامها تبني وتعمر وتنشئ المشروعات الكبرى هنا وهناك تواجه بيد الارهاب تقتلعه من جذوره وبالأخرى تذرع وتبني، كل عام وجميع المصريين أكثر تماسكا وأكثر صلابة أكبر من أي مخططات للوقيعة بينهما، لا شك أن التهنئة بالشهر الكريم أمر طيب ومستحب يبعث بالبهجة في النفوس لما للشهر الكريم من منزلة في نفوس كل المسلمين في كل مكان ولما يصطحبه معه من أجواء الراحة والطمأنينة حيث العبادات والسكينة حيث اللجوء إلى الله بقلوب صافية وعقول واعية تسعى لاستغلال ما يكتنف الشهر الكريم من بركة وفضل وخير يعم العباد والبلاد.

 

لكن هل من التهنئة بالشهر الكريم أن نتقول على رسول الله ما لم يقله وأن نرسل أحاديث على لسانه الشريف هو منها بريء؟ هل من التهنئة بالشهر الكريم أن ننساق وراء حملات الجهل والاستخفاف بالدين وتفريغه من مضمونه ومحتواه؟ هل من التهنئة بالشهر الكريم أن ننحى عقولنا بعيدا لنصبح أكثر جهلا وأكثر تخلفا؟ هل من التهنئة بالشهر الفضيل أن نجعله فرصة لتشويه الإسلام العظيم؟ لقد تزايدت في الفترة الأخيرة رسائل يتبادلها الكثيرون عبر الواتس والفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى يفترض أنها للتهنئة بالشهر الكريم أو بليلة النصف من شعبان تتضمن نصوصا لأحاديث نبوية شريفة مكذوبة على الرسول الكريم تعكس قمة الجهل وقمة عدم الوعي بخطورة التجرؤ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثلا “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سبق شخص بإخبار شخص بالشهر المبارك حرمت عليه النار” وحديث مكذوب آخر “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من نقل هذا النبأ عني سأجعل له يوم القيامة مكانا بالجنة” والعديد من الأحاديث المكذوبة التي يتبادلها الكثيرون في معرض تبادل التهاني بالشهر الكريم لا يتسع هذا المكان لسردها.

 

هل هذا كلام يعقل؟ هل هذا الكلام من الدين؟ هل أثبت من يروج لمثل هذه الأحاديث المكذوبة سندا ولو واحدا لها؟ والسؤال الأهم هل قرأ هؤلاء حديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده في النار” ما حال هؤلاء الكاذبين مع رسول الله وقد كذبوا عليه وقالوا ما لم يقله؟ ما حالهم وقد تجرؤوا على الدين الحنيف وتحدثوا باسم رسول الإسلام؟ ما حالهم وقد رفع كل امرؤ منهم نفسه لمنزلة الرسل بل لمنزلة خير الرسل وأعظمهم وأشرفهم محمد صلى الله عليه وسلم؟ ما حال هؤلاء وقد أخذ كل واحد منهم يشرع في الدين ويبدل فيه؟ الموضوع خطير لأن رمضان يفترض أنه فرصة للعودة إلى الله ولكتابه الكريم وسنة رسوله الحبيب وليس نسيانهما أو تجاهلهما، فرصة للتبحر في كتب السنة الصحاح وفي سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي تعلم الثابت من أحاديثه وبالأدلة المقطوع بصحتها وفي كتب السنة غير المشكوك فيها وغير المشكوك في مصداقية كاتبيها، الشهر الكريم فرصة لإنارة العقول وتطهير النفوس بفضائل الرسول وخصاله الطيبة وليس للتقول والكذب عليه بما لم يقل، رمضان فرصة لشرح فضائل ومكارم الأخلاق، فرصة لتسليط الضوء على عظمة الإسلام وسمو ونبل دعوته وفي المقدمة دعوته للعلم والأخذ بالأسباب ودعوته للتفكر في خلق الله ودعوته للعمل والعمل الجاد في كل مناحي الدنيا والآخرة بما يعود على الفرد والمجتمع بالنفع والخير حيث دائما ما تقرن آيات الكتاب الحكيم عبارة الذين آمنوا بعبارة وعملوا الصالحات أي أن الإيمان مقترن دائما  بالعمل، رمضان لا يجب أن يكون إذا فرصة لهدم دعوة الإسلام ومقوماته من خلال نشر الجهل والكذب على رسوله.

 

إلى ظاهرة التقول على الرسول الكريم والتجرؤ عليه بكل وقاحة  انتشرت أيضا  ظاهرة أخرى غريبة على مجتمعنا المصري في الفترة الأخيرة مثل حملة المليار للصلاة على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وحملة المليار مستغفر وحملات مثل اكتب لا إله إلا الله وأرسلها لعشرة من أصدقائك بنية تحقيق الفرج أو أرسل أسماء الله الحسنى للمتواصلين معك على الفيس لتحصل على ملايين ومليارات الحسنات أو تجد رسالة تصلك من مجهول أو أحد أصدقائك على الفيس تقول الشيخ الفلاني رأى رؤيا تقول كذا وأن من يتجاهلها أو لم يفعل بما قاله سوف يحدث له ضرر كبير وأن من ينشرها سوف يسمع خبرا يفرحه ويقسم لك أنه عمل بالرسالة وسمع بعد فترة قليلة خبر أفرحه وغيره تجاهلها فحدث له مكروه.. ما هذا العبث؟ ما هذا الجهل بالدين وبأهدافه وأسسه ومبادئه وأخلاقه ومكارمه ومقاصده؟! المؤكد أن كل هذه الأمور بدع وخرافات لا علاقة لها بصحيح الدين فالإسلام الذى يبيح تبادل التهنئة بالمناسبات الطيبة أيا ما كانت دينية أو وطنية أو شخصية لا يبيح نشر الجهل والخرافات، والاسلام الذي يدعو لإعمال العقل والتفكر لا يمكن أن يدعو إلى الجهل والتخلف، والإسلام الذي يدعو للعمل ويحض عليه لا يمكن أن يدعو إلى التكاسل والتواكل، والإسلام الذى يعمق الحب بين الناس كل الناس لا يدعو إلى الكره والقطيعة.. أيها المسلمون احذروا مخططات هدم الدين، احذروا المساعي المحمومة للنيل من الإسلام العظيم وتحطيم شباب الأمة وهدم مقومات شخصية المسلم، احذروا أن تتقولوا على رسولكم الكريم بما لم يقله. نقلا عن روزاليوسف