خصوصية مصر الرمضانية هل تكتمل؟!

خصوصية مصر الرمضانية هل تكتمل؟!

بقلم ـ أشرف محمود

ها قد اظلنا رمضان شهر الصوم والغفران، شهر الرحمات والتكافل، شهر العتق من النيران ، فماذا اعددنا له، كى نظفر برضا الرحمن، هل وضعنا خطة لحياتنا فى نهاره وليله، ام تسابقنا الى شراء ما لذ وطاب من الأغذية التى ارتبطت به، هل فكرنا فيمن حولنا ممن لاطاقة لهم ولا قدرة على شراء ماسنشتريه لأنفسنا، فيكون لهم من شرائنا نصيب، ام سنغض الطرف ونقول لهم رب. إن دروس رمضان التى عرفناها عبر سنوات مضت، وبح صوت المشايخ والعلماء فى تفسيرها وتوضيحها للكل، تتطلب منا تعديل المسار السلوكى فى رمضان، فيكفى ان احد عشر شهرا من العام نقضيها فى اللهو والبذخ والاكل والملبس، لانحمل للدنيا هما، ولا نعمل لآخرتنا وكأننا مخلدون فيها، تلك هى الازمة التى نوقع انفسنا فيها دون ان نخشى عواقبها، لكل هذا وجب تذكير النفس والغير، بأن الصوم شرع لحكمة يعلمها الله، ولذا جعل سبحانه وتعالى جزاء الصوم عظيما، ورحم الله امام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى عندما شرح الحديث القدسى الشريف (كل عمل ابن ادم له الا الصوم فإنه لى وانا اجزى به) فقال رحمه الله أن رب العزة اختص الصوم بالجزاء الأوفر من عنده كونه لم يصم البشر منذ سيدنا آدم عليه السلام وحتى قيام الساعة الا لله الواحد الاحد.

 

وكان علماء التفسير قد ذهبوا الى أن جزاء الله الأوفى للصوم انما راجع لكونه عبادة فيها مشقة عظيمة وامتناع عن الملذات الدنيوية، وانه عمل ليس فيه رياء، إلا ان شيخنا الشعراوى فسر الامر بأنه عمل اختص به البشر للاله الواحد، فاذا كان البشر عبدوا من دون الله وسجدوا لغير الله الا انهم لم يصوموا الا لله، ومن هنا تأتى أهمية الصوم وتميزه عن سائر العبادات، ويستحق أن ينال الاهتمام الأكبر من كل مسلم قادر على الصيام فى الشهر الفضيل الذى ميزه الله وفضله على سائر الشهور من العام باعتباره شهر نزول القرآن الى أمة محمد، وفيه ليلة خير من الف شهر هى ليلة القدر، ونساله سبحانه ان ينعم ببركة هذا الشهر وهذه الليلة على بلدنا مصر وسائر بلاد العرب والمسلمين ويجعلها سخاء رخاء بقدرته وجوده وكرمه، فهل بعد ذلك يمكن ان نترك العبادة الى اللهو من خلال التسابق على متابعة المسلسلات التى ليس من بينها للأسف مسلسل دينى كما كان الامر فى الماضى القريب، وليس من بينها ما يهتم بتقديم القدوة، او ابراز القيم والعادات المجتمعية التى تقرب وتوطد العلاقات بين البشر وتنشر قيم التسامح والتآخي، وتعزز التكافل مستفيدة من سمات الشهر الفضيل، هل سيكون رمضاننا هذا العام كسابقيه من الرمضانات التى راحت ونحن نولى مائدة الإفطار جل الاهتمام ونجهد انفسنا فى رص الاطباق جنبا الى جنب دون ان نفكر فى غيرنا ممن يصوم مثلنا لكنه لايجد مايفطر عليه وان وجده فلن يكون مثل افطارنا، وهنا وجبت التحية لكل الجمعيات الخيرية التى توجه جهدها وامكاناتها لهذا العمل من خلال ارسال مواد غذائية للفقراء فى كل مكان من ارض الوطن، وهذا ليس غريبا على مصر وأهلها، فمصر اول من عرفت العالم بموائد الرحمن من خلال ماقام به الامام العالم الليث بن سعد قبل مئات السنين وسار على نهجه أبناء الشعب المصرى فى كل مناطقه الجغرافية فباتت عادة كريمة ويكفى للسائر بسيارته على الطرق السريعة فى الصعيد والدلتا اثناء الإفطار، الا يحمل هم قوته الذى سيفطر عليه، فهناك عشرات ينتشرون على الطرق يقدمون التمر والماء والطعام لكل المارة، مترجمين الاصالة التى جبل عليها الشعب المصرى ونريد لها ان تكون عنوانه فى كل وقت، كما لايخفى على احد ان هناك مساجد عدة فى القاهرة جعلت موائد الرحمن طيلة العام للفقراء، ان الشهر الكريم الذى اظلنا ببركته ونفحاته الايمانية يدعونا الى استثماره والمتاجرة مع الله فيه لضمان الربح الوفير الذى يقودنا إلى بر الأمان ونيل شرف النظر الى وجه الله الكريم يوم الحساب ويظلنا تحت ظل عرشه العظيم، ونسقى من حوض نبيه محمد صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدا، وفى دنيانا والى أن يحين الاجل نسعد بحياتنا وابداننا واولادنا وجيراننا والأمن والأمان والاستقرار لبلادنا ويجنبنا الله الفتن ماظهر منها ومابطن، ويبارك لنا فى اعمارنا واعمالنا وصحتنا واموالنا، وساعتها نكون قد نلنا سعادة الدارين. إن شهر رمضان المبارك بخصوصيته ومميزاته ومكافآته وفرحة فطره وطهارة ذكاته يعد فرصة ذهبية لمن يتدبر امره ويبحث عن آخرته وقبلها مرضاة ربه ولا املك الا الدعاء الى الله ان يجعلنى واياكم من هؤلاء.نقلا عن الاهرام