د.سمير فرج :بعد أن هدأت الضربات

د.سمير فرج :بعد أن هدأت الضربات

وبعد خمسون دقيقة هي عمر الضربات الجوية و الصاروخية من قوات التحالف الامريكية و الفرنسية و البريطانية تجاه الأهداف في دمشق وحمص وبعدها بدأت تنقشع سحب الدخان و الغبار و الحرائق التي خلقتها هذه الضربات.

 

ويبدو ان الجميع كانوا سعداء فالشعب السوري فرح في الميادين يرقص ويغني فهذا الرعب الذي اطلقه ترامب على صفحت الشخصية يتوعد السوريين و الروس بهذه الصواريخ الذكية التي ستنهال على السوريين من كل مكان انتهت هذه الضربات ولم تخلف ورائها إلا بعض انهيارات الأبنية وتدمير بعض المعدات و الذخائر لم تحدث خسائر بشرية لذلك خرج البيان العسكري السوري قصيرا لم يوضح إلا ان سوريا تصدت لهذه الضربات .

 

و ان سوريا خرجت قوية اكثر مما كانت من قبل واظهر التليفزيون السوري الرئيس بشار الأسد يدخل الي مكتبه في قصر الرئاسة في دمشق تعبيرا على ان سوريا بدأت تمارس حياتها اليومية وعلى الجانب الإسرائيلي كانت هناك متابعة الاحداث.

 

ويبدا ان إسرائيل لاحظت ان هناك اهداف لم يتم العامل معها لذلك قامت مساء الاثنين باستكمال قصف بعض هذه الأهداف ورغم انها لم تعلق عن ذلك إلا ان الجميع توقع ان هذه ضربات إسرائيلية خاصة ان الولايات المتحدة الامريكية نفت توجيه أي ضربات لذلك خرجت إسرائيل سعيدة من هذه العملية بعد ان اضعفت القدرة القتالية للقوات السورية .

 

وعلى صعيد الولايات المتحدة الامريكية فان البنتاجون ووزير الدفاع الأمريكي كانوا اكثر سعادة من أي طرف اشترك في هذه الازمة فلقد تم تنفيذ توجيهات رئيس الولايات المتحدة بدقة تأكد ريادة الإدارة الامريكية على مستوى العالم وتم التنفيذ دون أي تحرش عسكري مع القوات الروسية قد يؤدي الي صدام عسكري كامل ليس في مصلحة أي طرف من الاطراف.

 

وعلى مستوى الأسلحة الامريكية فان هذه الضربات يتم الان دراسة نتائجها على الأرض من اجل اعمال التطوير المستقبلية في مجال صواريخ التوماهوك الامريكية وعلى صعيد البيت الأبيض فلقد خرج الرئيس ترامب منتصرا نفذ كل ما يفكر فيه واصبح امام الجميع البطل الذي لا يقف في طريقه شيء تحدى قرارات الأمم المتحدة ونفذ عملية عسكرية مستفزة ضد كافة اللوائح و القوانين الدولية.

 

ونجح في تكوين اقوى تحالف عسكري دولي من فرنسا و إنجلترا ورغم خروج المانيا من صف التحالف فهو يعلم جيدا كيف سيتعامل معها مستقبلا لأنها الصفعة الوحيدة التي تلقاها ترامب خلال هذه الازمة ، كذلك نجح ترامب في ترويض الكونجرس بجناحيه الجمهوري و الديمقراطي فلم يتعرض لأي انتقادات من البرلمان مثل رؤساء فرنسا وانجلترا وهكذا فان ترامب هو الفائز الأكبر الوحيد بنهاية هذه الضربة.

 

اما فرنسا فان ماكينرو تعرض الي هجوم شرس من الصحافة و الأحزاب ويكفي انه اصبح توني بلير الجديد للولايات المتحدة الذي ينفذ لأمريكا كل طلباتها و اعتقد ان هذا النقد سوف يفقده الكثير مستقبلا في حياته السياسية وفي بلاد الانجليز تعرضت تريزاماي رئيسة الوزراء البريطانية الي هجوم ونقد لأزع من البرلمان البريطاني ورغم محاولتها امتصاص الهجوم البرلماني.

 

الا انها خرجت أيضا بلوم من البرلمان و الشارع البريطاني الذي لم ينسى فضيحة توني بلير و تأييده للولايات المتحدة في حرب الخليج ضد صدام حسين اما الطرف الذي خسر الكثير من هذه الازمة هو الرئيس بوتين لأنه تعرض لموقف لا يحسد عليه في اول ازمة بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية حيث وقفت القوات الروسية عاجزة عن التصرف امام الضربات الصاروخية و الجوية الامريكية و البريطانية و الفرنسية و الإسرائيلية ضد الأهداف في سوريا و ان اللفظ الذي اطلق عليه لقد انحنى الدب الروسي امام الضربات ولم يفعل شيئا يذكر بل تعرض الي زيادة العقوبات الامريكية لروسيا .

 

واعتقد ان ما حدث سوف يكون له تأثير كبير مستقبلا على العلاقات الروسية الامريكية المباشرة و على المستوى العربي لم يؤثر ما حدث على مؤتمر القمة العربي فلقد تجاهل مؤتمر القمة تأييد بعض الدول العربية للضربة الثلاثية ونجح مؤتمر ان ينهى اعماله بالطريقة المعتادة منذ عشرات السنوات قرارات على الورق لن ينفذ منها شيء يؤثر على الأوضاع في المنطقة الا المشكلة الإيرانية التي بدأت تظهر على السطح بصورة جديدة وفي رأيي الشخصي ان الرابح من هذه الضربات هم المجتمع الدولي الذي سيطر عليه رعب إمكانية حدوث صراع عسكري بين القطبين الروسي و التحالف الأمريكي ولكن يرجع الفضل الي ذلك هو العقل المفكر الأمريكي الذي تجنب تنفيذ ضربات بالقرب من الوحدات الروسية المتمركزة في سوريا و الحكمة الروسية التي تعاملت مع المشكلة عندما تشتد الرياح يجب ان تنخفض اشرعة السفينة حتى لا نغرق جميعا مثلما حدث بالضبط في مشكلة الصواريخ الكوبية عام 63 أيام الرئيس كنيدي و الرئيس خوروشوف ، عندما مرت المشكلة بسلام وتجنب العالم ايامها احتمال نشوب حرب نووية و هذا ما ندعوا به دائما ان يكون دائما هناك احد العقلاء الذي يمنع الانفجار.