استجابة الحكومة الهندية في التعامل مع وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)

استجابة الحكومة الهندية في التعامل مع وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)

ايجى 2030 /
تمكنت الهند ، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة ، من الحد من عدد الوفيات لتصل إلى أقل من 200 في الأسابيع العشرة الأولى منذ اكتشاف أول حالة مصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). علاوة على ذلك، فإن الحالات التي تم الإبلاغ عن إصابتها في الهند أقل بكثير من معدل الإصابة على المستوى العالمي. وتم أيضا احتواء الوباء على النطاق الجغرافي في الدولة، الأمر الذي جعل انتقال الفيروس عبر التجمعات السكانية المختلفة يكاد لا يٌذكر. ويرجع الفضل في الوصول إلى هذه النتائج إلى التدابير الحاسمة التي اتخذتها حكومة الهند في الوقت المناسب.
تم إعلان حالة الإغلاق التام على مستوى الهند بأكملها منذ 25 مارس ولمدة 21 يوماً. ويهدف هذا الإغلاق ، الذي قوبل باستجابة غير مسبوقة وطوعية على الصعيد الوطني، إلى كسر سلسلة انتقال العدوى بالفيروس من خلال التباعد الاجتماعي. قبل الإغلاق. وقُبيل إعلان حالة الإغلاق التام و تحديداً في 19 مارس، أعلنت الأمة الهندية إقرار حظر”جاناتا” أو حظر تجوال الناس. وكان قرار الإغلاق التام فريداً من نوعه سواء على نطاق تنفيذه أو الامتثال له من جانب الناس.
استغلت الحكومة المركزية وحكومات الولايات فترة التأمين لتتبع وعزل الحالات الإيجابية والأفراد الذين كانوا على اتصال بهم. وصل منحنى الرسم البياني للحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إلى مستوى مسطح، حيث كانت الحالات تتضاعف في أقل من 4 أيام. وتشير التوقعات إلى أنه في حين أن عدد الحالات المؤكدة التي تم كشفها في ظل إجراءات الإغلاق والاحتواء بلغ 5194 حتى تاريخه، فإن هذا العدد كان سيزيد كثيراً عن ذلك لو لم يتم تنفيذ هذه الإجراءات.
كانت استجابة الصحة العامة في الهند استباقية وتدريجية. بدأت تلك خطة الاستجابة بمراقبة نقاط الدخول (المطارات والموانئ الرئيسية والثانوية والحدود البرية) في 17 يناير 2020 ، قبل إعلان حالة طوارئ عالمية بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وتم فرض قيود على التأشيرات والسفر للرعايا الأجانب في 5 فبراير. وتم تعليق جميع التأشيرات في 11 مارس وتم تعليق الرحلات القادمة إلى الهند بداية من 19 مارس. وتم وضع الركاب القادمين تحت المتابعة و الملاحظة اليومية من خلال شبكة برنامج مراقبة الأمراض المتكاملة، وتم متابعة التطورات من خلال بوابة وطنية متاحة على شبكة الإنترنت. وتم رصد 621 ألف راكب، ولم تتمكن حالة إيجابية واحدة من هذه المجموعة الاختلاط مع عامة السكان.
تم دعم حالة الإغلاق ببذل جهود وطنية لتعزيز حالة التأهب الطبي. وتم إنشاء شبكة من المختبرات في جميع أنحاء البلاد لتسهيل اختبار العينات في وقت مبكر وفي الوقت المناسب. يوجد حاليا 223 مختبراً في حالة تشغيل. وقد تم تعيين مسئولين رئيسيين للاتصال على مستوى الولايات، و تم تحديد مختبرات محددة للولايات.
تبذل الهند جهوداً واسعة النطاق على مستوى الدولة للتأكيد على تأهب المستشفيات لضمان توافر الأسرة. وخصصت الحكومة حافزاً خاصاً بقيمة 2 مليار دولار أمريكي للبنية التحتية للرعاية الصحية لمكافحة الوباء. وتم تخصيص 508 مستشفى للتعامل مع اصابات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وعلاوة على وجود 5110 مرافق صحي إضافي جاهزة بتوافر بهم 196110 سرير عزل و 35823 سرير بوحدة العناية المركزة و 17802 جهاز تنفس صناعي. وتتوافر المرافق الصحية لمختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية على مستوى الحكومة المركزية و حكومات الولايات لزيادة سعة استقبال المرضى إذا لزم الأمر. ويتم تخزين معدات الحماية الشخصية، وأجهزة التنفس الصناعي، والأدوية الأساسية وغيرها من المواد الأخرى المستهلكة ويتم مراقبة المخزونات الاحتياطية باستمرار. وتم كذلك تعزيز التصنيع المحلي لزيادة العرض.
قامت حكومة الهند بنشر المبادئ التوجيهية بشأن كافة الجوانب المرتبطة بإدارة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على نطاق واسع. ويجرى بناء قدرات المتخصصين في مجال الرعاية الصحية من خلال التوجيه بشأن الوقاية من العدوى ، والإدارة السريرية والبروتوكولات وما إلى ذلك من إجراءات. وتعقد المؤتمرات بتقنية الفيديو كونفرس على أيام منفصلة بين السلطات في الحكومة المركزية وسلطات الولايات لمراجعة الحالة. وتستمر عملية تتبع ومراقبة واسعة النطاق على المستوى الوطني للعمل بصورة استباقية على عدم نشر العدوى. علاوة على ذلك، تم اختبار 115 ألف عينة حتى تاريخه، وتم تنفيذ نماذج مبتكرة لجمع الاختبارات.
تعمل منصات وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الويب الخاصة بحكومة الهند على نشر معلومات حول الإجراءات الوقائية الأساسية، وذلك من خلال القنوات التلفزيونية والإذاعية وإطلاق حملة إعلانية.
للتخفيف من المصاعب التي يواجهها العمال المهاجرون في جميع أنحاء البلاد أثناء الإغلاق، قامت الحكومة بجهود وطنية، فاستخدمت وسائل النقل لنقلهم بأمان إلى دولهم الأصلية. وقامت بوضع بروتوكول مفصل لإدارة شئون المهاجرين، وأصدرت مبادئ توجيهية لضمان وصول المواد التموينية الأساسية والمواد الغذائية لهم. وفي غضون بضعة أيام، أقامت مخيمات إغاثة لتوفير الطعام والمأوى على نطاق غير مسبوق. ومن خلال هذه الجهود الإدارية الضخمة، تم إنشاء أكثر من 27 ألف من المخيمات والملاجئ تأوي 1.25 مليون شخص في عدد من الولايات. كما قام قطاع الصناعة بتوفير مأوى لـ 360 ألف عامل. توفر هذه الشبكة من المخيمات والملاجئ الغذاء لـ 7.5 مليون شخص من خلال 19460 مخيم/نقطة توزيع غذائية. وقد تم ربط هذه المخيمات بشبكة من مرافق الحجر الصحي ومختبرات الفحص وما إلى ذلك.
خصصت الحكومة حوالي 22 مليار دولار أمريكي للتخفيف من الصعوبات التي يواجهها الفقراء والمحرومين. وتعمل الحكومة على إنشاء شبكة خاصة لتأمين فئات المجتمع المحرومة والأكثر تضررا في مثل هذه الحالات. وتشمل تلك الفئات كبار السن والأرامل وأصحاب الهمم والنساء والعمال وغيرهم من الأشخاص الأكثر ضعفا. ويتم توفير المواد التموينية الغذائية وغاز الطهي والدعم المالي وغير ذلك من أشكال الدعم لهؤلاء الأشخاص في جميع أنحاء البلاد.
أنشأت وزارة الشؤون الخارجية الهندية خلية لمكافحة فيروس كورونا ونسقت عمليات الإجلاء الداخلي والخارجي على نطاق واسع. وتواصل الوزارة متابعتها لحالة الهنود العالقين. كما تقوم الوزارة بجهود لتعزيز عمليات التوريد من أنحاء العالم المختلفة وذلك لرفع درجة الاستعداد الطبي للهند.
كما تقدم الهند مساعدات طبية خارجية لكل من جزر المالديف والكويت. وتعد الهند إحدى الدول الرئيسية المصدرة للأدوية، وفي هذا الإطار أبدت التزامها بالتصرف بمسؤولية خلال هذه الأزمة. ومن ثم، لم تحظر الهند بشكل كامل صادرات الأدوية البالغة الأهمية، بل وتقوم بدراسة طلبات التوريد للدول الأخرى.
وبتوجيهات من رئيس الوزراء الهندي السيد ناريندرا مودي، تم تنظيم مؤتمرات عبر الفيديو مع قادة رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي ومع مجموعة العشرين لتنسيق جهود مكافحة الأزمة.
تُعد استجابة الهند لهذه الجائحة تاريخية من حيث أهدافها ودرجة تعقيدها. حيث قامت بجهود ضخمة بتنسيق وتأزر فيما بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات والمقاطعات.
بدأت استجابة الهند العاجلة لهذه الجائحة قبل أن تعلن منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)يشكل “طارئة من طوارئ الصحة العمومية التي تثير قلقا دولياً” في 30 يناير 2020، وقبل الإبلاغ عن أول حالة إيجابية مؤكدة للإصابة بالفيروس في الهند، في 30 يناير أيضًا. وكان ذلك قبل يوم واحد من أول حالة إصابة شهدتها إيطاليا في 31 يناير. حيث بدأت قبل ذلك عمليات مراقبة وفحص الركاب، وتم إخطار الولايات الهندية وتشغيل نظام إدارة الأزمات بكامل طاقته. وقد أدت هذه التدابير التي تم اتخاذها في وقت ملائم استراتيجياً إلى التخفيف من تأثير هذه الجائحة الخطيرة وخفض حالات الإصابة بها في الهند بدرجة كبيرة مقارنة بمعدلات الإصابة العالمية.