كلمة السيد فلاديمير فورونكوف وكيل الأمين العام لمكافحة الإرهاب

كلمة السيد فلاديمير فورونكوف وكيل الأمين العام لمكافحة الإرهاب

السيدات والسادة،

يشرفني ويسرني أن أخاطب هذا الجمع الموقر من القادة السياسيين وكبار المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين والخبراء. ويسرني جدا أن أكون هنا في مصر، أرض عجائب قديمة وشعب أبي ساهمت إبداعاته وإنجازاته إسهاما كبيرا في تقدم  للبشرية . وأود أن أشكر حكومة مصر على كرم الضيافة التي حظتني بها وأشكركم جميعا على حضوركم هنا  هذا المساء اليوم لنتبادل وجهات النظر

 

أصحاب السعادة،

 

جئت إلى مصر لمناقشة واحدة من أكبر التحديات في العالم اليوم – آفة الإرهاب.

 

والتهديد بالطبع ليس جديدا، ولمصر، للأسف، تجربة طويلة وثابتة على خط المواجهة للجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.

 

و أود بداية أن أشيد بشجاعة وتضحيات الشعب المصري الذي يظهريواجه هذه الآفة بعزم وثبات. وأعرب عن تعاطفي وتضامني العميقين مع ضحايا الإرهاب في مصر.

 

لقد جئت برسالة بسيطة. لا شيء يمكن أن يبرر الإرهاب. لإرهاب هو إهانة لكرامة الإنسان. ومن ثم، فإن مكافحة الإرهاب ينبغي أن تجمعنا جميعا.

 

إن مكافحة الإرهاب في مصر أو بلجيكا أو روسيا أو إندونيسيا أو ترينيداد وتوباغو أو في أي مكان، يجب أن تهم الجميع. فلا يمكن لأي بلد أن يدعي الحصانة سواء من التهديد نفسه أو من انتشاره المحتمل – أو من العواقب الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والإنسانية المدمرة للإرهاب اليوم.

 

أصحاب السعادة،

 

لقد تعرض تنظيم الدولة الإسلامية لسلسلة من النكسات العسكرية المدمرة في العراق والجمهورية العربية السورية وجنوب الفلبين.

 

ومع ذلك، لم يحن الوقت بعد لنهنىء أنفسسنا بالنصر، إذ لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية المنسبون له يشكلون تهديدا كبيرا ومتزايدا في جميع أنحاء العالم،  كما هو الشأن بالسبة لتنظيم القاعدة وتابعيه.

 

لا يزال الإرهاب يشكل تهديدا لم يسبق له مثيل للسلم والأمن والتنمية على الصعيد الدولي.

 

ومع تصاعد حدة الصراعات وعددها على مدى العقد الماضي، ازدادت الهجمات الإرهابية وانتشرت و تدمر المجتمعات وتزعزع استقرار مناطق بأكملها.

 

إن تهديد الإرهاب يتجاوز الثقافات والحدود الجغرافية ولا ينبغي أن يرتبط بأي دين أو جنسية أو مجموعة عرقية.

 

أصحاب السعادة،

 

إن خطر الإرهاب يتطور باستمرار. ونحن بحاجة إلى أن نكون متقدمين خطوة واحدة على لأقل لاستباق الهجمات الجديدة ومنعها ومكافحتها. الإرهابيون ليسوا في وضع خمول، بل هم بصدد السعي النشيط عن الضربة التالية التي يمكن أن يوجهونها  والفرصة الجديدة التي يمكنهم استغلالها.

 

التكنولوجيات الجديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والطائرات بدون طيار والإنترنت لديها القدرة على تحقيق فوائد كبيرة للناس في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن الجانب المظلم من هذه التقنيات يسمح لأكثر الأفكار السامة بالتدفق بشكا مشفر عبر الحدود في لمسة زر واحدة أو تغريدة.

 

علينا أن نبقى متحدين و أن نركز جهودنا في مواجهة هذه التهديدات الناشئة. وفي هذا الصدد، أود أن أحيي القيادة التي أبدتها مصر خلال رئاستها للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن للفترة 2016-2017. واعتمد المجلس عددا من القرارات الحاسمة خلال هذين العامين لرفع مستوى ردود الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب. واسمحوا لي أن أبرز على وجه الخصوص اعتماد القرار 2354 بشأن التصدي للخطاب الإرهابي الذي تزعمته مصر وشاركت في تقديمه 60 دولة عضوا.

 

“البنادق والبوابات والحرس” لم تعد بالرد الكافي. وعلينا أن نواجه الإرهاب على المستوى العاطفي والإيديولوجي لكسب قلوب وعقول الناس، ولا سيما الشباب منهم. ولقد أصبح هذا عنصرا أساسيا في كفاحنا – وربما حتى أكثر ساحات معركتنا حرجا إذا أردنا ألا نكتفي بالفوز فحسب، بل”البنادق والبوابات والحرس” لم تعد كافية. وعلينا أن نواجه الإرهاب على المستوى العاطفي والإيديولوجي لكسب قلوب وعقول، ولا سيما الشباب. وقد أصبح هذا عنصرا أساسيا في كفاحنا – وربما أكثر ساحات معركتنا ضد الإرهاب أهمية  إذا أردنا ألا نفوز بالمعركة  فحسب، بل أن  نكسب السلام أيضا.

 

أصحاب السعادة،

 

لقد جعل الأمين العام للأمم المتحدة منع الإرهاب ومكافحته من أهم أولوياته. وقد شدد على موضوعين رئيسيين في رؤيته لمحاربة الإرهاب، في إطار يقوم على حقوق الإنسان وسيادة القانون: أولا – تعزيز التعاون الدولي والحماية  وثانيا  الوقاية من الإرهاب بما يتسق مع روح الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب.

 

وللمساعدة على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع عملي، كانت مبادرة الأمين العام الأولى للإصلاح هي إنشاء مكتب لمكافحة الإرهاب لتوفير القيادة الاستراتيجية لجهود الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب. واستنادا إلى ذلك، وقع الأمين العام منذ أسبوعين اتفاق الأمم المتحدة العالمي لتنسيق مكافحة الإرهاب، من أجل زيادة تعزيز التنسيق والاتساق في أعمال مكافحة الإرهاب التي يضطلع بها ستة وثلاثون كيانا مختلفا من كيانات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الإنتربول و المنظمة العالمية للجمارك.

 

ونركز الآن على تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب من خلال ضمان روح جديدة للشراكة لمعالجة النقص في التعاون على المستويات العالمية والإقليمية والوطنة. وهناك حاجة ماسة إلى أن تتعاون وتتشاور الحكومات ووكالات الأمن وإنفاذ القوانين على نحو أكثر فعالية في مكافحة الجماعات الإرهابية، وفقا لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي.

 

لقد حان الوقت لعهد جديد من التعاون العملي وتقاسم المعلومات لحرمان الإرهابيين من أي فرصة أو أي ثغرة. وسيقوم الأمين العام للأمم المتحدة، من جهته، بعقد مؤتمر رفيع المستوى لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب في الدول الأعضاء يومي 28 و 29 حزيران / يونيه. وسيسعى المؤتمر إلى تعزيز التعاون وتبادل المعلومات في حينها وبطريقة آمنة، واستحداث طرق جديدة ومبتكرة للتصدي للإرهاب.

 

أصحاب السعادة،

 

ي الشهر المقبل، ستستعرض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب. وسينعقد هذا  الاستعراض والمؤتمر الرفيع المستوى تباعا خلال الأسبوع الأخير من حزيران / يونيه – وهو أول “أسبوع لمكافحة الإرهاب” يعقد على الإطلاق في الأمم المتحدة.

 

وقبل استعراض الاستراتيجية، سيصدر الأمين العام تقريرا يشارك فيه تقييمه للأعمال التي أنجزتها الأمم المتحدة والتوصيات الرامية إلى تعزيز استجابة المجتمع الدولي. ويحدوني الأمل في ألا يؤدي هذا الاستعراض إلى الحفاظ على توافق الآراء الدولي ضد الإرهاب فحسب، بل وأن يعزز هذا الاتجاه وأن يحدد توجها واضحا لجميع جهودنا المشتركة على مدى العامين المقبلين.

 

إن محاربة الإرهاب مسؤولية مباشرة تقع على عاتق الدول ذات السيادة. وإذ نسلم بهذا الدور الوطني الأساسي، فإننا في الأمم المتحدة ملتزمون بزيادة دعمنا من حيث النطاق والفعالية والأثر للدول الأعضاء بناء على طلبها. ونحن مستعدون لرفع مستوى جهودنا

 

. واسمحوا لي أن أبرز، بالمناسبة، مثالا على هذا الالتزام: خطة الأممم المتحدة لتنفيذ بناء القدرات حول المقاتلين الإرهابيين الأجانب والتي التي تشمل 50 مشروعا، من 13 كيانا مختلفا، تعالج دورة حياة هذه الظاهرة برمتها، بدءا من الوقاية وحتى والملاحقة القضائية، وإعادة التأهيل، وإعادة الإدماج.

 

كما أننا نعزز شراكاتنا مع المنظمات الإقليمية، وهي حليف رئيسي في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

 

أصحاب السعادة،

 

الجميع في هذه القاعة يعرفون أن الكفاح ضد تنظيم الدولة الإسلامية واالمنتسبون لها أبعد ما يكون عن النهاية. ويجب أن نظل ملتزمين وموحدين في التصدي لهذه الآفة. وبوصفي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، عرضت على جميع الدول الأعضاء التزامي الشخصي العميق بهذا الهدف. لقد دأت وظيفتي الجديدة منذ أكثر من 6 أشهر، وأنا ممتن للدعم الثابت والقوي الذي قدمته مصر لمكتبي و لي شخصيا. وقد شجعني كثيرا مشاوراتي هنا في القاهرة، وأتطلع إلى تعزيز هذه الشراكة في مجالات محددة.

 

شكرا لكم.