كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أمام مؤتمر لندن حول الصومال

ايجى 2030 / وكالات

السيدة/ تيريزا ماي… رئيسة وزراء المملكة المتحدة

فخامة السيد/ محمد عبد الله فرماجو… رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية

السيد/ أنطونيو جوتيرس… السكرتير العام للأمم المتحدة

أصحاب الفخامة… رؤساء الدول والحكومات والوفود

يطيب لى بدايةً أن أعبر عن شكرنا لحكومة المملكة المتحدة على مبادرتها بالدعوة لعقد هذا المؤتمر، وتنسيق مسار التحضير له، ومتابعة مخرجات مؤتمري عامي 2012 و2013 ، وذلك لحشد مزيد من الدعم الدولي المتناسق إلى الصومال لبناء هيكله الفيدرالي ومؤسسات دولته وإرساء دعائم الأمن والاستقرار على أراضيه.

نتفق جميعاً على أن الصومال شَهَدَ العديد من التطورات الإيجابية منذ تشكيل حكومته عام 2012 ، وخاصةً على المستويين الأمني والسياسي، حيث أُجبِرَتْ حركة “الشباب” الإرهابية على الانسحاب من مجموعة من المدن الرئيسية بفضل العمليات التي خاضتها القوات الصومالية وقوات بعثة الأميصوم الأفريقية، ونجحت النخبة السياسية الصومالية في إعلاء المصلحة الوطنية وبدء عملية صعبة لبناء مؤسسات الحكم الفيدرالية، وتكللت  العملية الانتخابية في فبراير 2017 بالانتقال السلس والسلمي للسلطة من الرئيس حسن شيخ محمود إلى الرئيس فرماجو.

ومع ذلك، فإن الفجوة ما بين العمل الدولي والأولويات الصومالية ما زالت قائمة… ولعل الوضع الإنساني المتدهور حالياً يكشف جلياً هذه الصورة، فقد ضربت أزمةُ الجفاف البلاد مجدداً ليَطُلَ على الصوماليين شبحُ المجاعة مرةً أخرى… ونثق هنا في أن المجتمع الدولي سيستمر في تلبية احتياجات الصومال الطارئة لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة وتغطية النسبة المتبقية من النداء العاجل الذى أطلقته الأمم المتحدة حتى منتصف العام الجاري ليصل إلى المبلغ المستهدف البالغ 825 مليون دولار.

كما إننا ندعو إلى الاستمرار في تعزيز العلاقة التكاملية بين الشركاء الدوليين والإقليميين والصوماليين على نحوٍ يفضى إلى وضع الخطط الشاملة لتنفيذ كل ما هو مطلوب ومستهدف، بقيادةٍ صومالية، وبدعمٍ دولي وإقليمي متناسق. ولعل ما يشجعنا اليوم أن المؤتمرَ ينعقد وقد انتهى العمل من مجموعة اتفاقيات رئيسية … يأتي في طليعتها الاتفاق التاريخي الذي وقع بين الحكومة الصومالية وقادة الولايات الفيدرالية في 16 أبريل الماضي بخصوص هيكل قوات الأمن الوطنية… بالإضافة إلى ميثاق الأمن واتفاقية الشراكة الجديدة… وكذلك خطة التنمية الوطنية الصومالية (2017-2019) التي ترتب لأول مرة منذ 30 عاماً أولويات الصومال التنموية… ليكتمل بذلك مثلث الأمن والسياسية والتنمية وتتوافر الأركان الأساسية لتنسيق أوجه الدعم الدولي للدولة الصومالية في المرحلة المقبلة.

وسوف تستمر الجامعة العربية من ناحيتها في دعم هذه الخطط التنموية في كافة مراحلها، حيث قررت القمة العربية الأخيرة في البحر الميت في مارس الماضي التحضير لعقد مؤتمر عربي رفيع المستوى لإعادة إعمار وتنمية الصومال… وهو الحدث الذى أثقُ بأنه سيستفيد من الزخم الحالي… بما في ذلك من نتائج الاتفاق الهام الذي تم يوم أمس هنا في لندن بين الحكومة الصومالية وممثلين عن القطاع الخاص الصومالي… وسوف تنظم الجامعة للتحضير لذلك مجموعة اجتماعات فنية على مستوى الخبراء تضم عدداً من المنظمات العربية وصناديق ومؤسسات التمويل والاستثمار العربية، وذلك بهدف زيادة الارتباط بين الاقتصاد الصومالي الناشئ ومحيطه الإقليمي، وتعريف الصناديق والمنظمات العربية بأولوليات خطط الإنعاش الاقتصادي الصومالية، وتيسير جذب رؤوس الأموال العربية العامة إلى الاقتصاد الصومالي. وستتعاون الجامعة العربية لتحقيق كل ذلك مع الحكومة الفدرالية، والقطاع الخاص الصومالي، والمؤسسات الدولية ذات العلاقة.

ومن ناحية أخرى، فإن الجامعة العربية تثمن عالياً التفاهم الأخير الذي جرى التوصل إليه الشهر الماضي في واشنطن بين مؤسسات التمويل الدولية وحكومة الصومال حول الإصلاحات اللازمة لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية ودعم المانحين لخطوات تنفيذها؛ كما نرحب بتخصيص جلسة مستقلة ظهر اليوم لبحث إعادة انخراط المؤسسات المالية الدولية بشكل كامل مع الصومال وتخفيف ديونه الخارجية، وهو جهد ينسجم أيضاً مع مطالبة الجامعة المتكررة ودعوتها إلى إعفاء الديون المترتبة على الصومال دعماً لاقتصاده وتمكيناً له من الحصول على قروض ميسرة من المؤسسات والهيئات المالية. وإذ تعلم الجامعة العربية أن الحصول على هذا الإعفاء يستلزم استيفاء عدد من الشروط والخطوات، فإنها ستعمل خلال الفترة القادمة على تعزيز عملية التنسيق والتشاور الفني بين الحكومة الصومالية والجهات الدولية والعربية ذات العلاقة للإسراع من عملية التعافي الاقتصادي وتعزيز الاستقرار وإعفاء الديون الخارجية.

ويهمني أن أشير في الختام إلى إن الجهد العربي لدعم الصومال يعتبر حقاً متعدد الجوانب ويشمل جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والسياسية؛ فبالإضافة الى ما سبق، سيتركز جانباً مهماً من هذا المجهود على دعم تنفيذ ميثاق الأمن الصومالي اقتناعا منَّا بأنه حجر الزاوية لاستقرار الصومال، وذلك عبر حشد وتنسيق الدعم العربي لتأهيل وتدريب قواته الأمنية والشرطية والعسكرية وفق أفضل المعايير حسب أولويات ميثاق الامن، وبما يخلق في نهاية المطاف أفضل الظروف للحكومة الصومالية ومجلس الأمن لرفع الحظر على استيراد الأسلحة؛ كما ستقدم الجامعة المساندة الفنية والقانونية للجهود الصومالية لمراجعة الدستور وحل القضايا العالقة فيه، وستشارك بالفاعلية المرجوة في الآليات المنشأة لمتابعة تنفيذ جميع هذه الاتفاقات والمواثيق والالتزامات المتبادلة التي نتوافق عليها اليوم.