فاروق جويدة :حساب الحكومة وحساب الشعب

إذا كان من حقنا كشعب ان نحاسب الحكومة فإن من واجبنا ان نحاسب أنفسنا بنفس الدرجة من الأمانة والموضوعية والصدق مع النفس ..

لقد اتخذت الحكومة قرارات صعبة في الأيام الماضية ابتداء بقضية التعويم وانتهاء برفع الدعم عن بعض السلع الأساسية ولكن في المقابل هل سألنا عن مجموعة أشخاص كانوا سببا في أزمة الدولار ولم يتحرك احد لمواجهة هذا السيل من الأنانية والجشع لوقف نزيف الجنيه وهو يترنح أمام الدولار .. إذا كان هناك فريق من المغامرين الذين رفعوا سعر الدولار ألا يوجد فريق آخر من الوطنيين الأنقياء للتصدي لهذا الجشع الرهيب ومتى تظهر معادن الناس إلا في المحن والشدائد .. لماذا لا تظهر هذه الوجوه الكئيبة إلا في الأزمات .. ان معركة الدولار كشفت الوجه القبيح لهؤلاء الناس الذين يتحدثون عن الولاء والانتماء وهم ابعد ما يكونون عن ذلك كله .. إن الأخطر من ذلك ان مواكب الفساد مازالت تنهش في دم هذا الشعب وتنهب خيراته وقد امتدت جذور هذا المرض إلى أماكن كثيرة وأخذت في طريقها الأعمار والخبرات والتجارب، فإن قضايا الرشوة والفساد التى تنشرها وسائل الإعلام كل يوم تؤكد ان مصر تواجه محنة قاسية في الإدارة والسلوك والأخلاق .. مازلت اسأل أين رجال الأعمال وما هو دورهم في مواجهة هذه التحديات وأين القطاع الخاص الكبير والصغير في معركة البناء .. لا احد ينكر ان هناك مشروعات ضخمة يجرى تنفيذها ولكن هل يفيد ذلك مع مجتمع لا ينتج أين صادرات مصر من السلع المختلفة زراعية وصناعية وأين بنوك مصر التى اكتفت بجمع المدخرات من المواطنين وأين كبار الخبراء في كل التخصصات ليمدوا أيدهم إلى صانع القرار .. لا بد ان نعترف اننا نعانى ظروفا قاسية وصعبة وان الحكومة وحدها لن تفعل كل شئ وان علينا كشعب ان نتحمل قليلا قسوة الظروف وان نعمل لأن حالة الكسل التى نعيش فيها بعد ثورتين وعزل رئيسين وكأننا اكتفينا بقضايا السياسة ونسينا قضايا الإنتاج. صحيفة الاهرام