صبور في حواره :يكشف عن اسرار انشاء المدن الصناعية في مصر

حوار : عبدالناصر محمد

كشف المهندس حسين صبور الرئيس الفخري لجمعية رجال الأعمال المصريين عن اسرار جديدة عن انشاء المدن الصناعية الجديدة في مصر وعن رؤية عثمان أحمد عثمان في انشاء هذه المدن وكيف كادت ان تموت مدينة السادات قبل بدايتها وتحدث صبور عن فكرة انشاء تجمعات القاهرة الجديدة لاستقطاب القاطنين بالعشوائيات إليها وكيف تغيرت إلى اسكان علية القوم كما تحدث في حواره عن أهمية مشروع قناة السويس الذي يعد أهم مشروع فكرت فيه العقول المصرية بعد تولي السيسي رئاسة الدولة وسوف يتم بنجاح بإذن الله

وإلى نص الحوار

 

حدثنا في البداية عن قصة المدن  الجديدة في مصر ؟

عندما نجح الرئيس انور السادات في اسعادتة الضفة الغربية بعمق من 10 إلى 15 كيلو متر اعتبر ذلك بداية لاستعادة كل سيناء وكانت مصر قد أخلت المدن الواقعة على الضفة الغربية للقناة وأهمها بورسعيد والاسماعلية والسويس نظراً لأنها كانت تحت قدرات الجيش الاسرائيلي ودمر فيها ما أراد من خزانات الوقود وغيرها فكان أأمن لمواطنيها ان يتركوها إلى مدن الدلتا القريبة وبعد توقف القتال الذي لم يستغرق شهر أنشأ أنور السادات وزارة جديدة في مصر هي وزاة التعمير وكلف المهندس عثمان أحمد عثمان بأن يتولاها وكان أول واجبات هذه الوزارة إعادة تعمير مدن القناة التي دمرتها اسرائيل وهاجر منها أهلها حتي يعودو لها سالمين مرة أخرى لمنازلهم ولكن عثمان احمد عثمان بصفته صاحب رؤية مستقبلية لم يتوقف عمله عند هذا التكليف بل بدأ يفكر في مصر بعد حرب 73 وتوقع قدوم استثمارات عربية وخوفاً منهم من تكرار ما حدث مع استثمارات الدولة بعد ثورة 52 حيث تم بناء الصناعة حول المدن القائمة لوجود مرافق بها فتم تدمير بيئة القاهرة والاسكندرية وغيرها لإقامة مناطق صناعية غير مخطط لها جيداً فتم تدمير حلوان حيث كانت مشتى وأصبحت وسط الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب والاسمنت وفحم الكوك وغيرها وهذا مثال واحد من أمثلة تدمير البيئة وحدث ذلك أيضاً بالاسكندرية وغيرها من المدن القائمة

وكيف بدأ عثمان أحمد عثمان التخطيط لبناء المدن الصناعية الجديدة ؟

استجلب عثمان أحمد عثمان بيت خبرة أجنبي ليخطط معه وضع أماكن جديدة للصناعات القائمة مع ما يتطلبه ذلك من طرق وخدمات وانتهت الدراسة بأن على مصر أن تبدأ بأربع مدن صناعية جديدة توضع في الصحراء بعيدة عن العمران الحالي الأولى منها شرق الدلتا وقرب القناة وهذه تتخصص في الصناعات المرتبطة بجنوب شرق آسيا والثانية غرب الدلتا في وسط المسافة بين القاهرة والاسكندرية وهذه تركز على صناعة الصلب وتعتمد على ميناء الاسكندرية في كل صادراتها ووارداتها حبث أنها على مسافة حوالي ساعة من تلت تربع سكان الجمهورية القاطنين في القاهرة والاسكندرية والدلتا والثالثة جنوب غرب الاسكندرية وهذه تركز على الاتجاه التصديري والتعاون التجاري مع غرب مصر من الدول العربية من القارة الافريقية والريفية  والأخيرة جنوب غرب القاهرة وهذه تركز على خدمة القاهرة والصعيد وبدأ عثمان أحمد عثمان في استجلاب مكاتب تخطيط عالمية ذات خبرة يتشارك معها مكاتب مصرية لنقل الخبرة إليها وتوزع عليها مشروعات هذه المدن

وماذا حدث بعد رحيل عثمان أحمد عثمان عن الوزراة ؟

لكن بعد خروج عثمان من الوزارة بدأت تظهر تغيرات في الخطط التي كانت موضوعة فمثلاً مدينة الصلب وهي التي سميت بمدينة السادات حدث بها بعد أن تولى وزارة الصناعة وزيراً من أهل الاسكندرية وكان نائياً في البرلمان عن دائرة الداخلية قام بنقل مصنع الصلب الأساسي التي كانت ستقوم عليه الصناعات في مدينة السادات إلى دائرته بالاسكندرية وهي الدخيلة دون شعور من مجلس الوزراء الذي وافق على هذا القرار بخطورة هذا الفعل وكان أن سحب الأساس الاقتصادي من مدينة السادات وكادت تموت قبل ان تولد

وماذا عن محاولات الكفراوي لإنقاذ مدينة السادات ؟

حاول المهندس الكفراوي الذي كان وزيراً للتعمير في هذا الوقت انقاذ الموقف بأن قرر أن ينقل إلى مدينة السادات بعض الوزارات واختار أولا وزارة التعمير ووزارة استصلاح الأراضي حيث كان وزيراً لهما اضافة إلى وزارة التخطيط التي اتفق مع وزيرها على ذلك حيث لم يكن هناك ضرورة لابقاء هذه الوزارات في القاهرة كما فكر في نقل بعض أجهزة الدولة التي لا داعي لتواجدها داخل القاهرة وأسرع بالبدء في بناء مباني الوزارات الثلاث وهنا نبه الوزير عاطف عبيد إلى صعوبة نقل الوزارات لأنها مثل باقي وزارت الحكومة بها بطالة مقنعة بمعنى ان نصف من يعمل بها هي عمالة زائدة فهل سيتم نقل الوزارة بعمالتها الزائدة إلى مدينة السادات مع تكاليف ذلك الغير ضرورية ام سيتم تصفية العمالة الزائدة ونقل الحد الأدنى المطلوب نقله وفي هذا تبدأ المشاكل عند هذه التصفية بالاضافة إلى الوضع الاجتماعي للموظفين بتلك الوزارات اذا كانت زوجاته تعمل في القاهرة في أماكن يصعب نقلها كالجامعات ولكن كان هناك اصرار من الكفراوي على ايجاد بديل تعيش عليه مدينة السادات جعله لا يلتفت إلى رأي الدكتور عاطف عبيد فتم بناء مباني الوزارات الثلاث ولم يتمكن الوزير من نقل أي وزارة حتى تلك الوزارات التي كان هو على رأسها فاتجه إلى اعطاء هذه المباني إلى جامعة المنوفية لعلها تكون بداية لتواجد الجامعة بمدينة السادات علماً بان مباني الجامعة لهذه المباني فيه ضياع مساحات كبيرة والعجز عن تواجد قاعات للمحاضرات بالعدد المطلوب خلافه ولكن كان هكذا الحال

وماذا عن مدينة 6 اكتوبر ؟

أما مدينة السادس من اكتوبر فقد تم اختيار موقعها قريب جداً من القاهرة ولا يمكن اعتبارها مدينة صناعة جديدة بل هي في أحسن الأحوال هي ضاحية للقاهرة وبالتالي انتقلت من كونها مدينة صناعية إلى ان أصبحت بها جامعات كثيرة وأنشطة مختلفة مثل الانتاج الاعلامي ومدن ملاهي وترفيه كما أنها أصبحت سكناً متميزاً لمن يعمل بالقاهرة وأصبح الطريق بينها وبين القاهرة مزدحم طول النهار ولأنها أصبحت ضاحية وليست مدينة منفصلة

وما تعليقك على انشاء القاهرة الجديدة ؟

واذا انتقلنا إلى ما بعد الوزير عثمان أحمد عثمان وتكلمنا عن القاهرة الجديدة التي أصبحت سكن للأغنياء قإننا نجد ان التفكير لم يكن لهذا الغرض انما كان لنقل العشوائيات من داخل القاهرة إلى خارج الطريق الدائري وكان عدد سكان العشوائيات وقتها 2 مليون مواطن فتقرر عمل تجمعات منفصلة حول الطريق الدائري كل تجمع لحوالي 200 ألف مواطن تقوم الدولة بتخطيطها وبنائها وفي نظير ذلك نعوض مصاريفها بالأراضي لقيمة الأراضي التي تشغلها العشوائيات حالياُ بداخل القاهرة وبعضها أراضي على النيل مباشرة

ولماذا تغير الغرض من انشاء القاهرة الجديدة ؟

ولكن كالعادة مع تغير الوزير قرر الوزير الجديد تغيير فكر القاهرة الجديدة وأوقف فلسفة بناءها لنقل العشوائيات إليها وقام بربط وتوصيل التجمع الأول بالثالث والخامس وأصبحت كلها كتلة سكنية واحدة وهكذا في باقي التجمعات وأصبحت مصدر لبيعها لذوي القدرات المالية لتحصل الدولة على مبالغ تساعد الميزانية المنهكة ونسينا فلسفة إقامة التجمعات وأصبحت تحوي الآن على كمبوندات للأغنياء وبدلاً من تجمعات للعشوائيات وهكذا يضيع الغرض وتضيع الفلسقة مع تغير الوزراء معنى ذلك انه ليست لنا سياسة مدروسة وانما سياستنا تتعلق برأي الوزير المختص رغم ان كل ذلك تم في عهد حزب واحد تتغبر الوزراء لكن كلهم من نفس الحزب

ما رؤيتك في مشروع محور قناة السويس ؟

عندما أمم جمال عبدالناصر قناة السويس كان غرضه ان يحصل على تمويل للسد العالي ولم يفكر فيها أبعد من ذلك فاستمرت هي الشريان يصل الشرق والجنوب إلى الغرب والشمال الغربي من العالم ويخدم التجارة العالمية واستمر دخل مصر منها هزيلاً لأنه فقط رسوم عبور للسفن وفي أحسن الحالات وصل إلى 5 مليار دولار في السنة في الوقت الذي وصلت فيه دول أخرى مطلة على المحيطات والبحار على ايراد أكبر مثل سنغافورا وهونج كونج وهي لا تقع على ممر مائي بأهمية قناة السويس وبعد أن أحست مصر بأنها أضاعت لسنوات طوال ما يمكن ان تحققه من هذا المعبر الهام بدأت في اصلاح التفكير لاسترداد أموال كثيرة ضاعت عليها لعدم استغلال القناة ولا يعلم المصريون ان السفن التي تمر بالقناة لا تأخذ الوقود من مصر وانما تاخذه قبل عبور القناة أو بعد مرورها وتضيع على مصر ارباح تموين السفن العملاقة والكثيرة التي تمر يومياً بالقناة كما لا يعلم المصريين ان هذه السفن تقوم بأعمال الصيانة والاصلاح ايضاً خارج مسارها بالقناة كل هذا يعبر عن اهمالنا لمصدر دخل وتشغيل للعمالة نحن في أمس الحاجة إليها

وبالتالي عندما بدأ الرئيس السيسي عصره بالاهتمام بالقناة وعمل قناة موازية في أماكن تسمح بنقص فترة العبور وساعات طويلة مما يساعد على جذب شديد للسفن والأهم من ذلك انشاء هيئة لتعمير ضفتي القناة للمشروعات الجديدة والمتنوعة من صناعات كبيرة متعلقة بالغاز مثل صناعة السفن ومثل صناعة الحاويات إلى صناعات صغيرة وتجميعية فبدلاً من نقل تلفزيونات وكمبيوترات من اليابان مثلاً إلى أوربا تشغل مساحة كبيرة اثناء نقلها إلى تغيير نمط النقل بأن تكتفي اليابان بنقل مكونات هذه المعدات وعلى ضفة القناة يتم بالعمالة المصرية تجميع التلفزيونات والكمبيوتر وما شابهما وايضاً استعمال الكارتون المغلف من مصر وتكون الطباعة عليه في مصر بالاضافة إلى الطبقات المانعة للكسر التي توضع حول هذه الأجهزة بمعنى آخر ستستفيد اليابان من نصف تكلفة النقل وتستفيد مصر من تشغيل العمالة للتجميع وبيع بعض المنتجات مثل الورق والكرتون وخلافه هذه الصناعات اذا فكرنا ممكن استعمالها في عشرات الأنشطة فالعصائر التي تصدرها الهندإلى أوربا في عبوات كبيرة يمكن تصديرها إلى مصر في بدرة ويتم اضافة المياه عليها من مصر فتخفض الهند مصاريف الشحن وتستفيد مصر من تشغيل عمالة وبيع منتجات لها وبالتالي ستحتاج هذه الصناعات إلى توفير الكهرباء والمياه وغير ذلك من البنية التحتية وهنا ستبيع مصر هذه الخدمات بربح لهذه المصانع والمتوقع حسب رأي الخبراء ان يرتفع دخل اقليم قناة السويس من 5 مليار دولار إلى 100 مليار دولار تقريباً ولا ننسى ان طول القناة 200 كيلو متر سيتم في نهايتها الشمالية أي شرق بورسعيد انشاء ميناء محوري كبير تقام حوله أنشطة اقتصادية كثيرة وتصوري ان هذا المشروع أنجح مشروع فكرت فيه العقول المصرية بعد تولي السيسي رئاسة الدولة وسوف يتم بنجاح بإذن الله ولكن ظروف التجارة العالمية الآن ليست رائعة وهذا ما سبب بطء في نجاح هذا المشروع