الجيل الرابع ..والصرف الصحي

بقلم ـ خالد ابو المجد

قرابة 3 مليارات من الدولارات كانت حصيلة بيع الترخيص الثالث للهاتف المحمول في السوق المصرية والذى فاز به تحالف شركة إتصالات الإماراتية في يوليو منذ 10 سنوات، لتبدأ معه قصة نجاح “إتصالات مصر” كمقدم ثالث لخدمات المحمول، وبعد هذا العقد من الزمان – ومع نفحات تراخيص الجيل الرابع التي تهب الآن – من المناسب أن نسترجع أجواء المزايدة التي أجريت وما تبعها – مع الفارق – لإستخلاص مزيد من الدروس والعبر، ولنتلافى تكرار الأخطاء.

في العام 2006 – وقت طرح الرخصة الثالثة – كانت قيمة الدولار تساوى 5.7 من الجنيه تقريباً، ووصل الاحتياطي النقدي المصري في يونيو 2006 إلى 22.9 مليار دولار، ووسط سعادة بالغة من كافة العاملين بالقطاع التكنولوجي المصري بنجاحهم في دعم اقتصاد وطنهم تم بالفعل توريد المليارات نتاج جهد القطاع وقادته وعائدات بيع الرخصة إلى الخزانة العامة، وكان من المفترض أن يتم توجيهها إلى الإستثمار في أي من الاستثمارات التي تدر عائداً حتى لا تضيع عملاً بالحكمة الشعبية “الفلوس تشتغل وتجيب فلوس”، على الأقل كان من الممكن توجيه جزء منها في الإستثمار في البنية التحتية والتي تعد كلمة السر للإستثمارات التكنولوجية في العصر الحديث، إلا أن هذه المليارات جرى تصريف غالبيتها على سد العجز في مجالات الدعم والقطاعات الخدمية كالصرف الصحي، وبالتالي تم التخلص منها على أسوء وجه ممكن.

الترددات لندرتها تعد العنصر الأثمن في مجال الاتصالات، ولذلك وجب حسن توظيفه والتصرف به، ولذلك إتخذت الحكومة ممثلة في الجهاز تنظيم الاتصالات ومجلس إدارته ورئيسه التنفيذي قراراً عبقرياً ومحموداً وصائباً لدعم الاقتصاد الوطني قدر الإمكان في هذا التوقيت الإقتصادى الصعب، وهو أن يتم تسديد قيمة تراخيص الـ 4G بالدولار والجنيه مناصفة، وحددت موعداً نهائياً للموافقة والتوقيع على هذه التراخيص.

عندما تم طرح الرخصة الثالثة للمحمول في 2006 توقع وزير الاتصالات وقتها – الدكتور طارق كامل – أن يتم طرح ترخيص للرخصة الرابعة في 2013، إلا أن “الأيادى المرتعشة” حالت دون تحقيق هذا التوقع رغم وجود العوامل المناسبة له، إلى أن تولى الوزير المهندس ياسر القاضي قيادة القطاع وأستطاع بثباته وهدوءه المعهود أن يخطو خطوات جادة إقتربت نهايتها لإتاحة خدمات 4G تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

النجاح الذى حققته شركة إتصالات مصر فتح شهية العديد من الشركات للإستثمار في هذا السوق ذو النمو المتصاعد وزاد من عدد المتهافتين على التراخيص، إلا أن التوجه يصب في اتجاه الشركة الوطنية “المصرية للاتصالات” لمنحها تراخيص الجيل الرابع.

أتمنى أن يحسن توجيه عائدات 4G للإستثمار لتعظيم العائد والفائدة، وحبذا لو تركت للقطاع ليستثمرها بمعرفته لفترة ثم يتم محاسبته على النتائج ..ومن بعدها توجه الأرباح لدعم الصرف الصحي.