الحنين لزمن الحرب الباردة! 

بقلم ـ مرسى عطا الله

تناول الصحفى مرسى عطا الله فى مقالاته اليوم الاربعاء بجريدة الاهرام هذا البروز المفاجيء للدور الروسى فى الأزمة السورية دفع بالكثير من المحللين السياسيين فى العالم ــ وبينهم مراكز بحثية أمريكية وأوروبية مرموقة ــ إلى طرح سؤال حول إمكانية استعادة روسيا لمكانة ودور الاتحاد السوفيتى القديم فى الساحة الدولية.

 

ولا شك فى أن طرح هذا السؤال يعكس قلقا أمريكيا وأوروبيا من تنامى الحنين فى دول العالم الثالث إلى زمن الحرب الباردة عندما كانت هناك معادلة رعب متوازن بين الكتلة الشيوعية بزعامة السوفيت والكتلة الرأسمالية بزعامة أمريكا، ورغم اعتراف الكل بأن قدرات وإمكانات الاتحاد السوفيتى فى سنوات الحرب الباردة كانت أقل من قدرات وإمكانات أمريكا فى دعم ومساندة الأصدقاء والحلفاء، كما كانت هناك خطوط حمراء لايمكن لأى طرف تجاوزها لكن دول العالم الثالث كانت تجد حدا أدنى من الدعم والتأييد السياسى والعسكرى والمعنوى من جانب السوفيت الذين كانوا يريدون ــ منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ــ أن يقدموا أنفسهم فى صورة القوة العظمى المناهضة للاستعمار المساند لحق الشعوب فى تقرير مصيرها!

 

ولا شك فى أن مثل هذه التساؤلات لدى الغرب ومثل تلك الأمنيات لدى شعوب العالم الثالث لم يكن لها أن تبرز مرة أخرى لولا صدور إشارات ملفتة من داخل الكرملين تشير إلى تجدد رغبة روسيا فى استعادة هذا الدور المفقود من جديد!

 

لقد أعطى فلاديمير بوتين فى الآونة الأخيرة إشارات نحو الداخل والخارج معا، وكلها تصب فى اتجاه التلميح إلى أن روسيا لا يمكن أن تبقى فى حالة انكفاء على النفس لأن ذلك ــ فضلا عن أنه لا يتفق مع مكانتها التاريخية وإمكاناتها النووية فإنه فى الوقت نفسه ــ يهدد قدراتها على النمو الاقتصادى !

 

وعندما تفكر روسيا فى الخروج من حالة الانكفاء على النفس والانطلاق نحو انفتاح مع الخارج فإنه من الطبيعى أن يتجه بصرها صوب منطقة الشرق الأوسط بوجه عام والعالم العربى بوجه خاص!

 

وفى اعتقادى أن الأمر فى النهاية ليس رهنا فقط برغبة شخصية من بوتين، وإنما هو حسابات وتقديرات لابد أن تلقى القبول والتجاوب لدى من يراد الانفتاح عليهم من جديد!