ليبيا: هل يكون الحسم من الخارج؟

إيجى 2030 /

بحث مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الأزمة الليبية خلال لقاء في القاهرة، هو الأول بينهما.

 

وقال كوبلر إنه قدم إحاطة عن الأوضاع في ليبيا إلى الأمين العام الجديد للجامعة العربية، وإن الأخير أبدى عزم الجامعة على تقديم كل الدعم الممكن إلى ليبيا، وجاهزيتها لذلك.

 

إلى الخارج

 

وكثف المبعوث الأممي إلى ليبيا خلال الأشهر القليلة الماضية زياراته الخارجية بالتوازي مع لجوء أطراف الأزمة الليبية إلى الخارج، بحثا عن الدعم لموقف كل منها.

 

ويريد مارتن كوبلر أن يمسك بالعصا من وسط الطرفين المتنازعين، ويخلق حالة من التوازن في علاقاتهما الخارجية للتأكد من أن الجهود الدولية تصب جميعها في خانة تطبيق الاتفاق السياسي، الذي وُقع في الصخيرات المغربية نهاية العام الماضي.

 

ويعكس تتبُّع مارتن كوبلر خطوات الأطراف في الخارج قلقا دوليا حول مصير اتفاق التسوية، الذي تم توقيعه، وما زال على قدر كبير من الهشاشة في ظل عدم تنفيذ بنده الأهم، وهو المتعلق بالتصويت لحكومة الوفاق الوطني.

 

ولم يعد خافيا أن هناك أطرافا إقليمية ودولية تقدم دعما معلنا وغير معلن للفريق خليفة حفتر، الذي تتهمه حكومة الوفاق الوطني بتقويض الاتفاق السياسي عبر الضغط على مجلس النواب لمنعه من الانعقاد والتصويت للحكومة، وكذا عبر تمسكه بقيادة الجيش النظامي الأهم والأقوى داخل ليبيا. ويحظر إعلان فيينا، الذي وقعته الدول الداعمة للاتفاق السياسي في ليبيا، التعاملَ مع خصوم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني باعتبار أنه الجهة الوحيدة المعترف بها دوليا.

 

ومنذ توقيع إعلان فيينا، أظهرت بعض أطراف الأزمة الليبية، خاصة في الشرق، تحفظها وامتعاضها الشديد من تصرفات مارتن كوبلر؛ حيث ترى أنه ضالع في محاولة إحكام حصار دولي على مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه من دون مراعاة مخرجات اتفاق الصخيرات التي تتطلب تسوية سياسية ودستورية قبل الشروع في جمع الليبيين تحت راية واحدة.

 

ومنذ عودته إلى العمل في ليبيا، بعد وصول حكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس شهر مارس/آذار الماضي، زار كوبلر جميع دول الإقليم الفاعلة على الساحة الليبية، وبينها مصر والإمارات وقطر وسلطنة عُمان.

 

حفتر يريد

 

وبالتوازي مع زيارة مارتن كوبلر إلى القاهرة، وصل حفتر إلى العاصمة المصرية في زيارة لم يعلن عنها من قبل، وسيلتقي خلالها كبار المسؤولين المصريين من دون أن يتضمن برنامج زيارته للقاهرة لقاء المبعوث الأممي في مؤشر يعكس عمق الخلاف بين الرجلين.

 

وتدخل زيارة حفتر إلى القاهرة في إطار تحرك حكومة عبد الله الثني لرفع الحصار الدولي المفروض عليها؛ وهي استمرار للزيارات التي بدأها حفتر خلال الفترة الماضية، وقادته إلى كل من مصر وروسيا.

 

وفيما رأى مراقبون أن حفتر يبحث عن مخرج من المأزق الأمني، الذي يعيشه في بنغازي وضواحيها، ويبحث عن دعم عسكري لمواجهة المجموعات المسلحة التي يتنامى نفوذها بشكل يومي؛ تقول مصادر مصرية في القاهرة إن حفتر يريد من القاهرة مزيدا من الضغط لإفشال مساعي بعض الأطراف، التي تحاول استبعاده من المشهد السياسي في ليبيا ما بعد اتفاق الصخيرات.

 

ويرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حفتر حليفا مميزا، ولا سيما أنه استطاع مواجهة “الإخوان المسلمين” في ليبيا ومقارعة الإرهابيين، الذين كانوا يهددون مصر وليبيا على حد سواء. لذا تتواتر المعلومات عن دعم عسكري ولوجستي كبير تقدمه الحكومة المصرية بشكل غير معلن إلى الجيش الليبي الذي يقوده خليفة حفتر.

 

وتذهب بعض التحليلات إلى أن حفتر سيطلب خلال زيارته الحالية إلى القاهرة تدريب أفراد من الجيش على الأراضي المصرية، وخاصة وأنه يشعر بتهديد حقيقي يمثله “مجلس ثوار بنغازي” المسلح ومجموعات أخرى تقاتل في شرق البلاد.

 

الممثل الوحيد؟

 

وفي مقابل رفض حفتر العزلة المفروضة عليه؛ ما فتئت حكومة الوفاق الوطني في طرابلس تدعو العالم إلى الإحجام عن التعامل مع أي جهة لم تعترف بها ممثلا شرعيا لليبيين كافة.

 

وتعول حكومة الوفاق على الضغوط الدولية والحصار العسكري لإجبار حفتر على الخضوع لسيطرتها والاعتراف بها. وقد دعت العالم في مناسبات عدة إلى تقديم الدعم لها وإحكام الحصار على خصومها بحجة عرقلتهم تنفيذ اتفاق الصخيرات الذي رعته الأمم المتحدة.

 

وعلى الرغم من أن حكومة الوفاق لا تجد صعوبات كبيرة في إقناع المجتمع بالدولي بالوقوف إلى جانبها، فإن تحركاتها على الأرض هي ما سيحسم الأمور لمصلحتها أو مصلحة خصومها، باستثناء المعركة ضد تنظيم “داعش”، والتي تقودها حكومة الوفاق بدعم وإسناد عسكري واستخباري دولي قد يمكنها من القضاء على التنظيم وتحرير المدن التي يسيطر عليها.

 

كما أن من الصعب إقناع بعض الجهات في الإقليم والعالم بالتخلي عن الحليف الاستراتيجي القوي خليفة حفتر، الذي دخل فاعلا في المشهد الليببي في وقت مثالي كانت فيه ليبيا على وشك السقوط في أيدي التنظيمات الإرهابية. وتفيد بعض التسريبات الإعلامية بأن دولا غربية لا تزال تتمسك بحفتر رغم مشاركتها في اجتماع فيينا والتزامها بدعم حكومة الوفاق الوطني.

 

وإذ يبدو من المستبعد حسم التأزم السياسي في ليبيا من خارجها، فإن الدعم الدولي المقدم إلى أحد الطرفين على حساب الآخر قد يساعد في تغيير موازين القوة واكتساب ثقة أكبر.