كلمات حرة .. رب ضارة نافعة !

د.أسامة الغزالى حرب

لم أجد أفضل من ذلك القول المأثور لأعبر به عما حدث ويمكن ان يحدث فى الأيام المقبلة من تداعيات عملية التسريب

الشاملة التى تمت لامتحانات الثانوية العامة كلها تقريبا هذا العام، والتى لم يكن ممكنا ان تؤدى إلا إلى إعادة الامتحان فى بعض المواد، وتاجيل الامتحانات الباقية المقبلة. حدث إذن ضرر بالغ سواء بتأثير الغش الذى أصاب فى مقتل تكافؤ الفرص بين الطلاب، أو بالكلفة الهائلة على الطلاب وذويهم نتيجة هذا التاجيل، فضلا عن التكاليف المادية الهائلة التى تتحملها الدولة فى هذا كله.

 

غير أن هذا الضرر البالغ انطوى على فائدة عظيمة، وهى انه وضع الجميع: الدولة والمجتمع،الأجهزة التنفيذية والأجهزة الشعبية، الحكومة والبرلمان، أمام حقيقة المحنة التى يعانى التعليم المصرى منذ ما يقرب من نصف القرن، والذى يصيب فى مقتل أهم ما تمتلكه مصر على الاطلاق، أى قوتها البشرية! لقد بحت أصوات كثيرة تنبه لكارثة تدهور التعليم فى مصر، لكن للأسف لم يلتفت إليها بأى شكل جاد، وكانت الكارثة تتشكل أمام أعيننا ! فالمدارس التى نشأنا و تربينا فيها اختفت، وأقصد بالذات المدارس الحكومية التى يتعلم فيها الغالبة الساحقة من ابناء الشعب، وتحولت إلى مايشبه الخرابات، اختفت حجرة الموسيقى وحجرة الأشغال وحصص الرسم والملاعب! هل حاول أحد منكم ممن هم فى الخمسينيات أو الستينيات من عمره أن يزور مدرسته الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية التى تعلم فيها؟ سوف يجد أطلالا أو خرابات تقريبا، لقد انتهت المدرسة كمؤسسة تعليمية تربوية، وكانت تلك هى الكارثة أو “أم الكوارث”!

 

فى التعليم المصري.اختفت المدرسة واختفى معها المدرس المصرى الذى كان فخرا لمصر وللعرب جميعا، اختفى ذلك النمط من المدرسين الذين ما لا نزال نحفظ أسماءهم ونتذكر سيرتهم العطرة وعلمهم الغزير، ليحل محلهم- كما أقول دائما- الباعة المتجولون للدروس الخصوصية. هل يمكن أن تكون فضيحة أو كارثة التسريب فرصة لفتح تلك الملفات كلها، أمام الأمة المصرية بنخبتها وخبرائها وبكل مؤسساتها التنفيذية والتشريعية، سعيا إلى تغيير وتطوير النظام التعليمى كله، ومن جذوره؟ ذلك ما نأمله ونرجوه!