هل هذه هزيمة لداعش؟

هل هذه هزيمة لداعش؟

بقلم ـ أحمد عبدالتواب

مشاهد المدن السورية من الطائرة مُفزِعة: خرائب على مساحات ممتدة، جرّاء القنابل من الجو والقصف بالصواريخ والمدافع، ولم تسلم المستشفيات والمدارس ومُوَلِّدات الكهرباء ومحطات المياه، ولا يبدو حتى آخر أفق ما تعرضه الشاشة أن هناك بناية نجت من الدمار! وعندما تنزل الكاميرا على الأرض، يتضح أيضاً هول كارثة الألغام، حيث الجثث والأشلاء. وفى كل الأحوال، هناك نظرات الأطفال التى لا يمكن أن تُنسى بما فيها من خوف شكَّل ملامحهم الغضة، مع عيون زائغة لم تعرف الاطمئنان، وملابس رثة، وجوع. وأما ندوب النفوس لدى الكبار والصغار، فليس هنالك تصور لكيفية علاجها، ولا كيفية استعادة الحياة التى عاشها السوريون على امتداد قرون. وكل هذا مجرد جزء ضئيل من كابوس ضرب سوريا والعراق وغيرهما. ولكن، يأتى تعليق المذيع الذى يتحدث عن أنها مناطق حُرِّرَت من تنظيم داعش الذى فرّ مجرموه بعد أن لقوا الهزيمة!! فهل هذه هزيمة؟ وماذا يكون النصر إذن؟ وهل يمكن، حقاً، أن يتسبب مصرع زعيم داعش أبو بكر البغدادى فى إحداث اضطراب فى صفوف التنظيم؟ ألم يمت مخترع الديناميت منذ قرون وبقى سلاحه الفتّاك فى أيدى أجيال من بعده تُطوِّر فيه وتُضيِف إليه وتُعظِّم من قوته التدميرية؟

 

لقد صار من الواجب إعادة تعريف الألفاظ وضبط استخدامها بما يتفق مع معانيها بعد التصحيح! هل بالفعل لحقت الهزيمة بداعش، الذى خرج بقواته الأساسية إلى مكان آخر آمن بغنائمه التى حملها معه؟ كما أنه نفّذ مشيئته، قبل أن يغادر، ودمَّر ما بناه السوريون عبر قرون، وترك الرعب فى نفوس من يتذكر داعش أو يسمع به أو يرى نذر عودته مجدداً؟ كما لاتزال قوى عظمى وإقليمية تمدّه بالمال والسلاح وتنوب عنه فى مفاوضات الانسحاب والتأمين!

 

أكبر ما تحقق ضد داعش أنه أُجْبِرَ على النزوح من مكان إلى مكان، وأقصى ما يمكن أن يناله أن يُضطر إلى النزول تحت الأرض، ليظل شبحاً مُخيفاً يُطلّ وقتما يشاء بصدمات العمليات الإرهابية التى صار مقاتلوه خبراء فيها!