عماد الدين حسين:انسوا التسريبات.. المهم السياسات القطرية 

عماد الدين حسين:انسوا التسريبات.. المهم السياسات القطرية 

بعض الزملاء والأساتذة الكتاب والسياسيين يستغربون قرار مصر بقطع العلاقات مع قطر، ويعتبرونه تبيعة للسعودية حينا، ولإسرائيل حينا آخر.

هؤلاء أيضا يركزون جل جهدهم على أن قطع العلاقات كان بسبب التصريحات المنسوبة لأمير قطر تميم بن حمد، وبما أن هناك تشكيكا فى صحة هذه التصريحات، وأن هناك ربما قرصنة روسية على موقع وكالة الأنباء القطرية ــ من وجهة نظرهم ــ فإن القضية كلها «فشنك».

 

ليس عيبا أن يدافع أى شخص عن سياسات الحكومة القطرية أو جماعة الإخوان، لكن شرط أن يكون واضحا وأمينا مع نفسه، وألا يخلط هذا الهوى بالاختفاء وراء عبارات عامة وشعارات إنسانية براقة.

 

معظم هؤلاء، يريدون اختزال المشكلة بأكملها فى تصريحات تميم؛ لأن هذا مريح جدا لهم، لأنه إذا ثبت أن التصريحات مقرصنة فستنتهى القضية فورا من وجهة نظرهم.

 

هم لا يدركون ان القضية ليست تصريحات تميم، وهل هى صحيحة أم لا. ربما كانت القشة التى قصمت ظهر البعير، لكن البلدان الأربعة قالت كلاما محددا فى بياناتها وهى تتخذ قرار قطع العلاقات، خلاصته ان خلافهم هو مع جوهر السياسات القطرية التى تتعارض مع مصالح بلدانهم منذ عام 1995.

 

وبالتالى فعلى المعترضين على الخطوة المصرية، أن يجيبوا عن السؤال التالى: أليس من حق الدول الأربعة أن تتخذ قرارا بقطع العلاقات، إذا شعرت أن هذه السياسات تهدد مصالحها؟! ومن الذى يحدد ذلك، هل هى الدول الاربعة أم بعض المؤيدين لقطر وللإخوان؟!

أحد السياسيين كتب مستغربا لماذا تحشر مصر نفسها فى أزمة خليجية؟!

 

مصر لم تحشر نفسها، بل ربما هى الأكثر تضررا من السياسات القطرية منذ عام ١٩٩٥. قطر تدعم جماعة الإخوان دعما شاملا وتوفر لهم المأوى والمأكل والمشرب والتنقلات، ومنصات إعلامية متنوعة للتهجم على السياسات المصرية بصفة مستمرة، فهل كان متخيلا أن تقطع السعودية والإمارات والبحرين علاقتها مع قطر، فى حين تقف مصر متفرجة وهى التى حاولت لسنوات طويلة إقناع دول الخليج باتخاذ هذه الخطوة ولم تنجح فى ذلك، وهل عندما تأتى الفرصة لأى سبب من الأسباب أن تقوم مصر بالتردد؟!.

 

من حق الجميع بالطبع أن يحزن ويغضب وينتقد تردى العلاقات العربية العربية، ومن حقه أن يحزن أكثر أن المستفيد الأول والأخير من هذه الخلافات هو إسرائيل، وجميع أعداء الأمة العربية، لكن عليه ألا يخلط الأوراق، بل أن يتحلى بالشجاعة ويسأل نفسه لماذا قطعت مصر علاقتها بقطر؟!

 

هل يمكن تصور أن تستضيف قطر غالبية المعارضين المصريين وبعضهم يدعو علنًا إلى العنف والإرهاب، أو يحرض عليه، ثم تجلس مكتوفة الأيدى، حتى لا يتهمها البعض بأنها تابعة للسعودية أو لإسرائيل؟!.

 

أتمنى أن تناقش هذه الأصوات جوهر المسألة وهو أن دولة عربية قررت أن تتبنى وتدعم وتشجع المعارضة فى دولة عربية أخرى.. فما هو المطلوب من هذه الدولة الأخرى؟!

 

قد يسأل البعض: ولماذا لم تقطع مصر علاقتها مع قطر منذ سنوات، حينما فتحت أبوابها وإعلامها لجماعة الإخوان وكل المعارضين؟!.

السؤال وجيه ومنطقى وإجابته حسب ظنى منطقية، فقرار قطع العلاقات حينما يتخذ لابد أن يحقق هدفه، وإذا اتخذته مصر بصورة منفردة ولم يحقق هدفه، فلماذا تفعل ذلك؟!

 

جاءت فرصة ذهبية لمصر، حينما قررت كل من السعودية والإمارات والبحرين ــ كل لأسباب تخصه ــ ان يتخذ هذه الخطوة؟! فهل كان من المتصور أن تقول لهم مصر: «شكرا، علاقتنا مع قطر طيب جدا!». والدليل على ذلك أيضا أن مصر لم تقطع علاقتها بتركيا حتى الآن رغم أن سياسات اردوغان اشد خطرا وسفورا مما فعلته حكومة قطر.

 

من حق كل دولة أن تتخذ ما تشاء من قرارات، وفى الحالة المصرية مع قطر، فظنى أن الأمور لا تحتاج إلى كثير شرح.. المهم ألا تخلط بين قطر الدولة وشعبها العربى الشقيق وبين الحكومة التى تختلف معها الآن. ونتمنى أن تعود العلاقات بأسرع ما يمكن شرط أن تتوقف قطر عن التدخل فى شئوننا. تلك هى القضية وليست التسريبات أو أى شىء آخر.