أحمد سليم: ساعات حاسمة فى المشهد الخليجي 

أحمد سليم: ساعات حاسمة فى المشهد الخليجي 

يبدو إن دراما رمضان لن تقتصر على مسلسلات الشهر الكريم بشاشات التليفزيونات .. ويبدو إن مؤلفوا المسلسلات سيفقدون قدرتهم على رسم سيناريو لمسلسل أخر هام بدأت مشاهده الآن فى الخليج العربي .. الحلقات الأولى للمسلسل بدأت بقطع العلاقات الدبلوماسية بين مملكة البحرين وإمارة قطر ثم تلاها قطع العلاقات أيضا مع السعودية والإمارات ثم مصر وشاركت بعض الدول الأخرى فى المشهد بدور ثانوي سواء كانت ليبيا أو اليمن أو المالاديف .. المشهد الخليجي يعيد للأذهان مشهد سابق فى عام 1996 ويعيد أيضا بتداعياته المشهد الخليجي بدءا من 1990 والذي كان بداية تغيير لخريطة الخليج أو الشرق الأوسط كله ..

 

فى التسعينات كان الغزو العراقي للكويت وما تلاه حتى إعدام صدام من تحالفات وفتح الباب أمام الغرب للتواجد فى المنطقة بشكل عسكري بدأ بقاعدة عسكرية فى السعودية ثم انتقلت إلى قطر لتصبح قاعدة العديد نقطة الارتكاز للتواجد العسكري الامريكى منذ ذلك الوقت وليبيا ثم غزو العراق ثم تقسيمه ثم محاولة تحريره ثم محاولة وحدته مرة أخرى .. التواجد الامريكى فى العراق كان أيضا السبب فى وجود تنظيم الدولة ( داعش ) والذي تحول إلى أزمة يواجهها العالم كله ..

 

ما يحدث فى الخليج الآن ليس تكرارا فقط لمشاهد سابقة ولكنه بداية لرسم ملامح جديدة لقطر هذه الإمارة التي تسببت برعونة حكامها فى أزمات عديدة للمنطقة وليس جيرانها فقط .. إمارة قطر بحكومتها التي تخضع لسياسة تقوم على دعم الإرهاب وتشكيل تنظيمات إرهابية مسلحة بالإضافة إلى تبنى تيارات المعارضة فى دول عديدة .. المشهد القطري الذي يقوم على انقلابات متعددة بين فرعى آل ثاني وتكرر فيه عبر السنوات الأخيرة مشهد الانقلاب بين الابن وأبيه .. فبعد خلف الأمير الأب لوالده ونفيه إلى لندن وتوليه الحكم بمساعدة زوجته الشيخة موزة تكرر نفس السيناريو معه واجبرته زوجته وابنه تميم على التخلى من الحكم لصالح تميم حرصا من الزوجة على أن يصل الحكم الى ابنها وليس ابن الامير من زوجة اخرى وايضا حرصا من تميم على الوصول الى الحكم سريعا عقب وفاة والده ..

 

ومنذ نجاح هذا السيناريو الأخير بدأت قطر تأخذ منحنى أكثر حدة فى التعامل مع الاحداث وبدأت فى تمويل مراكز التفكير والبحوث السياسية فى الولايات المتحدة الامريكية ولندن لخلق جيل جديد من مؤيديها والحفاظ على من خرجت بهم من أحداث الربيع العربى لم يقتصر التفكير القطرى على ذلك بل اتجه وبشدة الى دعم التنظيمات الارهابية على الارض فبدأ جسر جوى ينقل السلاح والمرتزقة الى ليبيا وبالتوازى معه بدأ جسر من التدفقات المالية عبر البنوك وعبر رحلات تمتلئ فيها الطائرات بحقائب النقود بدأ هذا الدعم المادى يصل الى تنظيمات عديدة فى ليبيا والسودان ومصر بالإضافة الى سوريا وحاولت أيضا وضع قدم لها فى التحالف العربى للتواجد فى منطقة اليمن .. هذا الدور الذى تخيل به تميم انه أصبح صاحب قرار فى المنطقة أزعج جيرانه الذين اكتووا بنار الارهاب مؤخرا واصبحت الجماعات الارهابية مصدر تهديد لهم .. الدور القطرى فى دعم الارهاب وحماية النظام القطرى اللا محدودة لجماعة الاخوان المسلمين الارهابية وتبنيه لهم تسبب فى خلق عداوة مستمرة بينه وبين انظمة عديدة .. وخلق حالة من اللاتواصل بينه وبين حكام الخليج الذين يصرون على ضرورة وحدة الصف فى المنطقة الخليجية خاصة وان خطر الارهاب أصبح يتهددهم بعد الضغوط التى يتعرض لها تنظيم داعش فى سوريا وتنظيم بيت المقدس فى سيناء والتنظيمات الاخرى وفروعها فى ليبيا .. تميم قرر ان يأخذ موقف مضادا للجميع املا فى حماية ايرانية او دعم روسى او قوات تركية ولان الجميع يرغب فى التواجد بالمنطقة فقد وجدوا فى تميم المنقذ الجيد لهم .. فروسيا ربما تطمع فى قاعدة اخرى بالخليج بعد القاعدة الجوية فى ايران ولما لاتكون لها قاعدة بجوار قاعدة العديد الامريكية .. وتركيا تبحث لها عن موضع قدم فى الخليج العربى لتفتح لنفسها نافذة على الهند والصين والتجارة العالمية وايران يهمها ان تتواجد بقوات الحرس الثورى على الحدود السعودية والبحرينية دعما لشيعة البحرين وأيضا حسما لصراعها مع الامارات على الجزر الثلاث وتهديدا مباشرا للسعودية او ورقة ضغط عليها لحسم الصراع السعودى الايرانى الذى يجرى على ارض سوريا ..

 

هذا المشهد المعقد ينتهى بحصار برى وبحرى وجوى لقطر من جيرانها وبحصار دبلوماسى منهم وانضمت اليهم مصر التى طال انتظار أبنائها لموقف حكومتهم من دولة حريصة على دعم الارهاب واسقاط النظام وبث روح الرعب لدى المصريين .. الموقف المصرى جاء حاسما بعد موقف عسكرى فى ليبيا ورسالة مباشرة من الرئيس السيسى الى الدول راعية الارهاب خلال القمة الامريكية والاسلامية بالرياض ..

 

مصر عندما قررت قطع العلاقات مع قطر قصرت قراراها على قطع العلاقات الدبلوماسية ولم تطرد القطريين ولم تطالب المصريين بالرحيل من قطر بل كانت حريصة على الفصل بين قطر النظام الحاكم وبين قطر الشعب وهو نفس الموقف منه تحركاتها فى ليبيا وهو ايضا قاسم مشترك فى كل قرارتها فمصر دائما تفصل جيدا بين علاقات الشعوب والتعامل مع الحكام ..

 

المشهد الخليجى ربما يزداد تعقيدا مع الايام لو تواصل وصول قوات تركية او ايرانية الى قطر وربما يحسمه انقلاب داخلى ينهى الصراع داخل الاسرة الحاكمة ويأتى أما بأحد الابناء او يعود الحكم الى الفرع الثانى من العائلة ..

 

الربيع العربى يتكرر الان فى قطر بسيناريو مختلف وربما يشهد قريبا حكومات منفى وتغيرات على الساحة الداخلية او رحيل بلا عودة لتميم وأمه ليلحقا بوالده فى منفاه الاختيارى بلندن الساعات القادمة حاسمة وستضع ملامح جديدة للمشهد الخليجى .