اضرب يا فندم!

الكاتب محمد امين

بقلم ـ محمد أمين

خبر من ثلاثة سطور، فى منتهى الخطورة، لكنه تضاءل إلى جانب قضايا كثيرة هذه الأيام.. الخبر يشير إلى قيام هيئة الرقابة الإدارية بضبط أساتذة جامعة، فى قضية رشوة جنسية.. القصة أن أستاذ الجامعة يُكره طالبة على ممارسة الرذيلة مقابل تسهيل حصولها على الماجستير أو الدكتوراه.. وهى ليست حالة فردية للأسف.. ولكنها أصبحت منتشرة كالنار فى الهشيم.. وخطورتها أنها فى «الجامعة» أصلاً!.

 

والمأساة أن هذه الحوادث أصبحت تمثل ظاهرة.. قليل منها ما يتم ضبطه فعلاً، وكثير منها ما تتهامس به الطالبات فى الدراسات العليا، فلا تستطيع الإبلاغ، ولا تستطيع الكلام فيه خشية الفضيحة.. طبعاً العملية تبدأ بمساومة الطالبات على مبالغ مرهقة لها، أو طلب هدايا من الذهب.. وفى حالة العجز تدفع المقابل من شرفها.. والمأساة الأكبر أن ذلك حدث فى شهر رمضان.. فهل يصح ذلك يا «بشر»؟!

 

وحين ترفض الطالبات الإبلاغ، لا تكون هناك أى قضية.. وحين نكتب نوضع تحت طائلة القانون.. ذات يوم طلبت منى طالبة دكتوراه أن أسمع حكايتها المُرة.. كانت رائعة الجمال.. تتضاءل أمامها الممثلات والفنانات.. ولا تستغرب أن والدها ذو حيثية ونفوذ، كما أنها حفيدة أحد باشوات مصر العظام.. اكتشفت أن رسالتها تتعطل مع أنها الأولى على دفعتها.. وحين سألت المشرف عن السبب، راودها عن نفسها!.

 

وكانت صدمة كبرى لهذه الفتاة، وكانت صدمة كبرى لى أيضاً.. فار دمى، وقررت أن أتصل برئيس جامعتها.. وكان السؤال: ماذا أقول له؟.. الطالبة لا تريد ذكر اسمها.. ولا تريد أن يفتضح أمرها.. فقد زجرته بطريقة أو بأخرى.. وهددته بأنها سوف تبلغ عنه، لكنه ضحك وقال لها «مش هتقدرى».. وسوف تتأخرين فى المناقشة سنوات.. فنصحتُها أن تتقدم بشكوى عن «التأخير» بغض النظر عن «الرشوة الجنسية»!.

 

فهل كنت تتصور أن ذلك يحدث فى الجامعات؟.. هدايا عينية وعزومات بالأمر ورشاوى جنسية.. أين القيم والأخلاق؟.. كيف توحشنا إلى هذا الحد؟.. ما معنى أن تطلب هدية، وتشترط عليها أن تكون فى حدود كذا؟.. وحين رحت أفتش فى الأمر تبين أن هناك «بلاوى».. ولكن الطلاب لا ينطقون.. فماذا جرى لمجتمعنا العلمى؟.. وماذا جرى للجامعة وحرمتها وقدسيتها؟.. أين «الرقابة» على مشرفى الرسائل العلمية؟!.

 

ولأن الحادث جلل فقد توقفت أمام جهود الرقابة الإدارية لضبط الفاسدين فى الجامعات.. فلا أبالغ إذا قلت إنها أهم عندى من مطاردة لصوص المال العام.. المال ممكن «يتعوض» والشرف لأ.. منظومة القيم لا يمكن التهاون فيها.. هذه ليست حالات محدودة.. نريد تطهير الجامعة من لصوص الشرف.. اضرب يا فندم بيد من حديد.. لا تدعوا بناتنا فريسة للذئاب.. افحصوا أى تأخير سوف تجدون وراءه جريمة أخلاقية!.

 

اضرب الفاسدين ولا تتردد.. الرقابة الإدارية كانت مهمومة فى الأيام الماضية بمطاردة لصوص المال العام.. لكنها أيضاً كانت منتبهة للصوص الشرف فى الجامعات.. ذكرتنى واقعة وكيل تربية بنها، بطالبة الدكتوراه بنت الأصول.. فلم تعطه شيئاً من مالها ولا من شرفها.. وقالت: لن أتركه أبداً، ولو لم أناقش الدكتوراه!.نقلا عن المصرى اليوم