احمد عبد التواب :أخطر أبعاد الاستيلاء على الأراضى

احمد عبد التواب :أخطر أبعاد الاستيلاء على الأراضى

بكل التأييد للحماس الشخصى للرئيس السيسى ولتكليفاته ومتابعته عن قرب لأجهزة الدولة فى استعادة الأراضى ذات الملكية العامة التى جرى الاستيلاء عليها عبر العقود الماضية مع تبوير بعضها عمداً والبناء فوقها، ومع كامل التقدير للإنجاز اقتصادياً، والذى من المتوقع أن تصل عوائده على الأقل إلى عشرات المليارات من الجنيهات، ومع إدراك خطورة الأبعاد الأخرى السياسية والقانونية، فهناك حقائق تكشفت جديرة بالتوقف عندها بعد أن انفضح الانتشار الواسع للجريمة، والسهولة فى اقترافها، والطمأنينة التى حظى بها هؤلاء طوال سنوات، والأكثر خطورة أن معظمهم ليسوا ممن يتولون مناصب تسمح لهم بالتسهيل لأنفسهم، وإنما تمكنوا بأموالهم من أن يُوظِّفوا التنفيذيين الصغار ورؤساءهم، فى أن يتحصّلوا على الأراضى، وفى أن تغضّ الأجهزة الرسمية عينها وأن تغلّ يدها عن انتهاكاتهم، فخرجت جميع هذه الأطراف بأرباح هائلة ضد القانون وعلى حساب المصلحة العامة! فى وقت ضرب اليأس عموم المواطنين من إمكانية إحقاق الحق، مما عطَّل مبادراتهم وبدَّد نخوتهم فى الدفاع عن المال العام الذى لم يرسخ فى وعيهم أنه مالهم.

هذا فساد مختلف فى أغلبه عما عهدناه وعما ثار الشعب ضده! وهى ظاهرة خطيرة، ويزيد من خطورتها أنها قديمة وأن الجديد فقط هو الجدية والجسارة فى التعامل مع أعراضها! مما يوجب استكشاف أعماقها وأسبابها وآلياتها وكيفية حماية المجتمع منها ومن تبعاتها، عن طريق إخضاعها لدراسات علمية هادئة يشارك فيها هذه المرة علماء الاجتماع والسلوك، إضافة إلى المتخصصين فى الجريمة والقانون والسياسة..إلخ، مع وجوب اليقظة الدائمة من الجميع إلى المخاطر الجمّة المتوقعة من هذه العصابات فى تحركاتها المضادة التى هى من الشراسة التى تنفخ فيها ثروات طائلة.

ولا ينبغى أن يفهم أحد أن هنالك تلميحاً للميل إلى التقاعس فى واجبات المعارَضة السياسية بأن تنتقد الحكم بكل السبل الدستورية والقانونية، وأن تشير إلى ما تراه أخطاء فى السياسات الدارجة التى ينزلق فيها بعض المسئولين، وإنما القصد أن يُضاف إلى هذا مواجهة المجتمع لعيوبه السائدة خارج سيطرة الحكم المركزى.
نقلا عن الاهرام