فاروق جويدة: هناك ربيع قادم  

فاروق جويدة

لا أعتقد أن الحياة تحتاج إلى المزيد من القبح لأن ما فيها يكفى..ولا اعتقد أن البشر فى حاجة إلى المزيد من الترخص لأن ما بيننا كثير جدا.. وإذا كنت تستطيع أن تلقى أمام الناس زهرة جميلة فلا تتردد..

وإذا كنت قادرا على أن تقدم نموذجا فى الترفع فلا تندم، إن الندم الحقيقى أن تكون أداة من أدوات القبح وان تكون بوقا من أبواق الضلال..نحن نعيش زمانا اختلت فيه مقاييس الأشياء وحين تنظر فى وجوه الناس وأنت تسير فى الشارع سوف تشاهد تلالا من الغضب والكآبة وسوف تعطى للناس العذر فى ذلك أنهم يعيشون أحلاما مكسورة ومشاعر لا ترحم وهم للأسف الشديد لا يتحملون مسئولية ذلك كله..

إن فيهم من أخلص كثيرا فى عمله ولكنه لم يحصل على الفرصة المناسبة فهناك زميل أفاق سرقها منه..أنهم أخلصوا فى تربية أبنائهم ولكن المجتمع الظالم حرم الأبناء من فرصة عادلة..وفيهم أيضا من أحب واخلص فى مجتمع فقد الرحمة لأن الكبير فيه لم يترك شيئا للصغير..

فى هذه الوجوه الشاحبة التى تركلها الشوارع سوف تجد امرأة تحمل على صدرها طفلا، بينما هناك طفل آخر يمسك بيدها وفى آخر الدرب الطويل يتسرب رجل ندل هرب من المسئولية وباع نفسه للشيطان وترك الجمل بما حمل ولم يعد يفكر إلا فى نفسه..وسط هذه الحشود سوف تجد إنسانا بدأ حياته شريفا قانعا وسرقته سنوات العمر واكتشف انه يعيش وسط مستنقع من اللصوص وقرر أن يكون مثلهم فى آخر أيامه وخسر الشرف والقناعة ولم يستطع ان ينام منحرفا..

ورقص بين الحرام والحلال وخسر الاثنين معا..لا تحزن إذا وجدت حديقتك الجميلة لا تثمر ربما مرت عليها عاصفة شديدة أسقطت الزهور وقتلت البراعم قبل أن تكبر وتصبح ثمارا شهية..سوف يأتى فصل ربيع آخر تعود فيه الثمار وتشرق فيه الأوراق..لا تغضب إذا الزمن اصبح بلا ضمير فى كل شىء فى السلوك والأخلاق والبشر حين تختل المواسم تبدو الأشجار شاحبة ويبدو الأفق غائما وقد تمطر السماء أشياء سوداء تشبه المطر ولكنها ليست كالمطر..اطمئن دائما هناك ربيع قادم . نقلا عن صحيفة الاهرام