الخطر القادم من العريش 

بقلم ـ عماد الدين حسين

سؤال: ما قيمة أن نقضى على بعض الإرهابيين أو كلهم فى سيناء لكن أن نخسر فى المقابل مشاعر وعواطف كل أو غالبية أبناء المنطقة؟!

 

الإجابة بالنفى ولا تحتاج إلى تفكير، والسؤال ينبغى ألا يكون مطروحا بالمرة، لأنه غير منطقى تماما.

 

مناسبة طرح هذا السؤال الصعب، هو الكلام المنسوب لبعض أبناء قبائل مدينة العريش قبل نحو عشرة أيام، الذى يتهم بعض ضباط الشرطة بأنهم قتلوا ستة من أبناء المدينة كانوا محتجزين فى سجون وزارة الداخلية، التى أعلنت فى بيان أنه تم قتلهم خلال مداهمة وكر كان يتحصن فيه هؤلاء.

 

أتمنى أن يكون كل ما قاله أبناء القبائل غير صحيح، أو قائم على معلومات غير دقيقة، وأتمنى بالتالى أن يكون نفى المصادر الأمنية للقصة صحيحا.

 

فى مساء يوم السبت قبل الماضى أيضا شاهدنا فيديوهات لاجتماع يقول إنه لأبناء القبائل فى «دار أيوب» يتحدث فيها أشخاص يرفعون سقف المطالب ويهددون بالإضراب والعصيان المدنى ضد الشرطة فى العريش ويدعون أعضاء مجلس النواب عن المنطقة إلى الاستقالة.

 

بعدها بأيام صدر بيان مناقض تماما يحمل توقيع أهم واكبر عائلات سيناء، ويؤكد على الوقوف مع الدولة وأجهزتها حتى يتم تطهير سيناء من «دنس الإرهاب»، وأن أبناء القبائل لن يكونوا أدوات لهدم الدولة، وأى دعوات للصراع مع الحكومة أو للعصيان المدنى لن يستفيد منها الا الإرهابيون .

 

سوف أفترض نظريا أن المعلومات التى استند لها البيان الأول غير صحيحة بالمرة، وبالتالى يصبح السؤال الجوهرى هو: ما الذى يدفع مجموعة من أبناء سيناء إلى عقد مؤتمر عام وعلنى ويتم تصويره بالفيديو وتوزيعه، ويهددون فيه بالإضراب العام؟!!.

 

الخطورة أن ذلك يعنى ان بعض أبناء قبائل سيناء أنهم صاروا فى خصومة علنية مع جهاز الشرطة. ويعنى أيضا أن الإرهابيين حققوا أفضل مكاسبهم حتى الآن لأن الصراع بين مجموعة من المواطنين وأجهزة الدولة سيخفف الضغط على الإرهابيين، كما سيزيد من قدرتهم على التحرك..

 

كيف ذلك؟! السبب ببساطة أن نجاح الدولة فى هزيمة الإرهابيين يتطلب قبل كل شىء عزلهم عن محيطهم الاجتماعى، وعدم توفير أى حاضنة اجتماعية لهم، لأنه لو حدث ذلك ــ لا قدر الله ــ فإن المعركة ضدهم سوف تطول لوقت لا يعلمه إلا الله.

 

فى حين إن العكس صحيح تماما وهو أن نكسب أهل سيناء معنا فى المعركة العادلة ضد التطرف والإرهاب، باعتبار أن المواطنين هم الذين يدفعون الثمن الأكبر لهذه المعركة الصعبة.

 

عدد كبير من أهالى سيناء دفعوا بالفعل ثمنا فادحا تمثل فى استشهاد العديد منهم على يد الإرهابيين، وبعضهم ترك بيوتهم وحياتهم وأرضهم ،وقبل أسابيع قليلة تفاءلنا خيرا حينما عاد بعض أهالى الشيخ زويد إلى بيوتهم التى تركوها قبل شهور وسنوات.

 

ما حدث من تطور يوم الجمعة قبل الماضى فى غاية الخطورة، وينبغى ان تعالجه الدولة والمجتمع بسرعة شديدة وبحكمة أشد، لأن تركه بهذا الشكل ــ تحت أى مبرر ــ قد يؤدى إلى تفاقمه ليتحول إلى مرض فتاك.

 

كتبت فى هذا المكان، وكتب غيرى كثيرا بضرورة كسب أهالى سيناء كشرط ضرورى لدحر الإرهاب والتطرف. كسب هؤلاء يبدأ من تسهيل حياتهم وخدماتهم اليومية من أول الكمائن المرورية إلى تقليل فترات العبور فى معديات القناة ونفق أحمد حمدى مرورا بالنظر بجدية فى تنمية سيناء بصورة فعلية تحولها إلى مستعمرة بشرية حقيقية.

 

أتمنى أن تبادر أجهزة الدولة بسرعة التحرك لاحتواء هذه الفتنة الخطيرة ونزع فتيلها، ومناقشة الأسباب الموضوعية لها.

 

مرة أخرى وليست أخيرة، إسرائيل هى المستفيد الأكبر، من كل ما يحدث هناك، ومعها كل القوى الإقليمية المتربصة، وبعض السذج واليائسين، والأهم وبعض السياسات الحكومية التى تعطى دعما مجانيا للإرهابيين والمتطرفين.

 

تحركوا يرحمكم الله قبل فوات الأوان.