عماد الدين حسين: مطلوب رفع الوعى الأمنى للمواطنين

حكى لى مجموعة من الأصدقاء يستخدمون مترو الأنفاق بصورة دورية أن بعض بوابات التفتيش الإلكترونية صارت بلا قيمة فعلية للأسف الشديد.

 

أحد هؤلاء قال لى إنه فى مرات كثيرة يدخل بعيدا عن البوابة ولا أحد يراجعه. وقالت لى سيدة تعمل أستاذة جامعية وتستخدم المترو مرتين أسبوعيا، إنها لاحظت أكثر من مرة أن موظف الأمن الذى يراقب البوابة غير مكترث، لأنها عندما تضع حقيبتها فى جهاز المسح الضوئى «لا ينظر إطلاقا إلى الشاشة لكى يتأكد أن كل شىء على ما يرام».

 

صديق ثالث قال لى إنه ذهب إلى الموظف ذات يوم وسأله، لماذا لم تفتش حقيبة الرجل الذى مر أمامه؟ فكان رد الموظف عجيبا وغريبا حيث قال له إنه يعمل ضابطا ويعرفه جيدا.

 

عندما سمعت هذه الحكايات عقب التفجير الإرهابى للكنيسة البطرسية بجوار الكاتدرائية المرقسية الأسبوع قبل الماضى، تذكرت أننى أيضا أشاهد ممارسات من هذا النوع، حينما استخدم مترو الأنفاق.

 

للموضوعية ليس كل الموظفين كسولين، بعضهم يؤدى عمله بصورة طيبة، ويصر على تفتيش الجميع بكفاءة وجدية، وبعضهم لا يفعل.

 

هذه السطور ليس هدفها التشهير، بل التنبيه، بعد أن صار الإرهاب يضرب فى مناطق مختلفة بصورة عشوائية وبلا وازع من ضمير.

 

المطلوب هو أن تتأكد كل الأجهزة المختصة وذات الصلة بأن بوابات التفتيش الإلكترونية تعمل بأعلى كفاءة ممكنة.

 

سوف أقترح على المسئولين اقتراحا بسيطا خلاصته أن يكون هناك تفتيش مفاجئ ومستمر طوال الوقت على كل بوابات التفتيش فى أى مكان خصوصا المناطق والمنشآت والمرافق الحيوية مثل مترو الأنفاق والسكك الحديدية والوزارات والهيئات والمحاكم والمطارات والمؤسسات المختلفة.

 

ألف باء التفتيش أن يكون شاملا ويخضع له الجميع بلا استثناء من الفقير إلى الوزير، مرورا بالضابط والقاضى، وفى أى مؤسسة سواء كانت مسجدا أو كنيسة، ووزارة أو نقابة، طالما كانت هناك بوابات إلكترونية.

 

من الأشياء الإيجابية التى حدثت فى الفترة الأخيرة إصرار أجهزة الأمن فى مطار القاهرة على تفتيش المستشارة تهانى الجبالى بعد رفضها، وبعدها بأيام إصرارها على تفتيش موظفى الجمارك بالمطار.

 

كثير من الناس يعتقد أن تفتيشه أمر يمثل إهانة له أو لمهنته والعكس هو الصحيح.

 

لنفترض أن كل القضاة والضباط والمهندسين والأطباء والصحفيين وطنيون من طراز رفيع، لكن ألا يحتمل أن هناك ١٪ منهم ليسوا كذلك، ويمكن لأحدهم أن يدخل أى مكان بقنبلة أو متفجرات، أو أن إرهابيا دس قنبلة فى سيارته؟!!.؟

بوضوح شديد إحدى مشاكلنا، ليس فقط التقصير الأمنى، لكن نقص الوعى الأمنى لدى غالبية المواطنين بصفة خطيرة، نمر بعمليات قلق وإرهاب وعدم استقرار منذ عام ٢٠١١، ورغم ذلك فإن تعاملنا كمواطنين لم يتغير كثيرا.

 

للأسف الشديد عهد الاستقرار وحياة الدعة والهدوء ولى وقد لا يعود قريبا، والسبب أن الإرهاب لا يستهدفنا بمفردنا، بل يستهدف المنطقة بأكملها، وربما كنا الأقل فى ذلك والحمد لله.

 

وإذا كان الأمر كذلك، فقد وجب على جميع المواطنين أن يدربوا أنفسهم على رفع معدل الوعى الأمنى بينهم، بمعنى أن يتمتعوا باليقظة والانتباه طوال الوقت، إذا لاحظوا أشياء أو ممارسات غريبة، أو شخص يضع كيسا أو حقيبة أو يتصرف بطريقة مريبة.

 

الإرهاب لن يتم القضاة عليه بين يوم وليلة، لكن إذا أدت أجهزة الأمن دورها بكفاءة، وإذا تمتع الناس بالحد الأدنى من اليقظة، فالمؤكد أننا سنتمكن إن شاء الله من تقليل معدلات العمليات الإرهابية إلى حد كبير.

 

من الأشياء المؤسفة أننا وعقب كل حادث كبير نقول سوف نشدد إجراءات الأمن، وسوف، وسوف..، ثم ينتهى الأمر بنا إلى النسيان أو الطناش، وبعدها تعود الحياة إلى روتينها اليومى، حتى تقع حادثة كبرى أخرى فنعيد تكرار نفس الأسطوانة من دون أن نتعلم أى دروس حقيقية. وتلك الطريقة ربما كانت هى المؤامرة الحقيقية التى نتآمر بها ضد أنفسنا!