فاروق جويدة :الدولة التى نريدها

لا اعتقد ان المصريين كشعب فى حاجة إلى انقسامات جديدة ويكفى ما عشناه فى الأعوام الماضية من صراعات وانقسامات ومعارك..آخر دعوة لانقسامات جديدة هى الحوار حول تغيير بعض مواد الدستور ولا اعتقد انه من المنطقى ان يطالب البعض بتغيير الدستور كلما واجهنا أزمة من الأزمات.

 

هناك قوانين يمكن ان يستخدمها رئيس الدولة ومنها قوانين الطوارئ وقد حدث ذلك فى مواجهات قديمة..ان البعض يطالب بالأحكام والقضاء العسكرى لمواجهة موجات الإرهاب والأفضل من ذلك هو العدالة السريعة التى تحسم القضايا وتصدر الأحكام وتنفيذها أيضا.. ان الجزء الأكبر من الأزمة هو طول الإجراءات القضائية التى تمتد بالسنوات خاصة فى ظل مطالب للدفاع تبدأ بتنحية المحكمة وتنتهى بالطعن فى كل الإجراءات.

 

ان الحسم فى القضايا والسرعة فى تنفيذ الأحكام يغلق أمامنا أبوابا كثيرة للتحايل وكسب الوقت أمام براعة المحامين والإجراءات القضائية التى لا آخر لها ولا أول..ان المحاكم العسكرية لها مجالاتها وللقضاء العسكرى اختصاصاته ولدينا من القوانين ما يكفى ومن الخطأ ان يفكر البعض فى تغيير مواد الدستور الآن ونحن نواجه تحديات كثيرة فى إعادة بناء كل شىء اذا كان هناك قصور فى بعض مواد الدستور فإن المستقبل كفيل بأن نعيد النظر فيها أما الوقت الحالى فالأعباء كثيرة وقد تفتح أبوابا للاعتراض والرفض داخليا وخارجيا.

 

هناك بطء شديد فى المحاكم المدنية والقضاء المدنى ولكن هذا القضاء جزء أصيل من مؤسسات الدولة خاصة أننا نسعى لبناء دولة مدنية وديمقراطية وهذا النموذج من الحكم له آلياته وشروطه ومؤسساته ولا ينبغى فى لحظة حزن أو غضب ان نقلب الأوراق ونجد أنفسنا أمام خيارات متناقضة بين ما هو عسكرى وما هو مدنى لأن الشخص المدنى له قضاؤه وأحكامه وقوانينه ولا داعى لاختلاط الأوراق.

 

ان القضية ليست تنفيسا فى ساعة غضب أو مطالبات من أشخاص لهم حسابات خاصة لأن الهدف هو إقامة دولة ديمقراطية ولا داعى لفتح مجالات للحوار حول محاكمات عسكرية للمدنيين فهذا باب سوف يفتح علينا مساءلات كثيرة وسوف يؤجل الكثير جدا من أحلام المصريين فى دولة يحكمها القانون وتحميها العدالة. صحيفة الاهرام