ناهد حمزة :أستيراد البدع!!

 

شعرت بحالة شديدة من الغضب والغيظ والاستفزاز عندما سألني ابني عن مكان ليشتري منه زيا لصغيره ليذهب به الي حفل الهالووين الذي تقيمه دار الحضانة، والمشكلة ليس في إيجاد »الكوستيوم» كما يطلقون علي ملابس الهالووين لأنها مرطرطة في متاجر بيع لعب الأطفال المعروفة ولكن لصغر حجم حفيدي البالغ من العمر عاما ونصف عام والمقاسات الصغيرة غير متوافرة. كان رد فعلي التلقائي سلسلة من الاسئلة الاستنكارية: »هو أيه علاقة المصريين بالهالووين؟ هو أنت عاوز تفزع وتخوف ابنك؟.. هل وصل بنا الحال أن نستورد من الخارج كل شيء حتي البدع؟

 

وعندما استفسرت عن الهالووين وأساليب الاحتفال به علمت أن جذوره ترجع الي الازمنة البعيدة في ايرلندا حيث كان مرتبط بمواسم الحصاد مع وجود مفاهيم وثنية كان يمارسها السكان في ذلك الحين ثم تبني الامريكيون هذه العادة اطلقوا عليها اسم »عيد جميع القديسين» ليحتلفوا به سنوياً يوم 31 أكتوبر حيث يخرج الشباب بالملابس السوداء والأقنعة حاملين المشاعل إلي الغابات أو الأماكن المهجورة ويتوجهون إلي زيارة الاماكن المسكونة أو المقابر ثم يشعلون حرائق صغيرة يرقصون ويغنون حولها لمطاردة الأرواح الشريرة. يمتنعون عن أكل اللحوم وينالون التفاح وفطائر البطاطس والكعك ويقدمون الحلوي والشيكولاتة للأطفال.. والطريف أنهم يختارون ثمار قرع العسل كرمز ومنه يصنعون الاقنعة والفوانيس التي يتم إنارتها بالشموع. ومن الممارسات الغريبة لهذه الاحتفالية ارتداء ملابس وأقنعة مخيفة والإقبال علي قراءة القصص المخيفة ومشاهدة الافلام والكارتون المرعب.

 

كما هو الحال دائماً في الولايات المتحدة والعديد من الدول الغنية والمرفهة يتم استغلال اي وكل مناسبة تجارياً للترويج عن بيع السلع والمأكولات والمنتجات الاستهلاكية مما يعود بالمنفعة المادية والأرباح التجارية علي أصحاب المتاجر والمطاعم. تعرض المتاجر للبيع الأقنعة والمشاعل والشموع والعقود الطويلة بحبات ضخمة من البلاستيك او بلضم ثمار الثوم والبصل وبيع اكياس الشيكولاتة والملبس والملح الخشن والألوان الزاهية للمرسم علي الوجوه هذا إلي جانب لعب وملابس للاطفال علي شكل هياكل عظمية ووطاويط ومصاصي دماء وأشباح و.. و.. ما هو لافت للنظر ان العديد من متاجر الاحياء الراقبة والمدارس الأجنبية الدولية بمصر وبعض الاندية والفنادق الخمس نجوم تقيم احتفالات بالهالووين.

 

وأري أن كل هذه الطقوس تعتمد علي الخزعبلات والخرافات وتبعد كل البعد عن تراثنا وديننا الحنيف.. وهي لا تضيف إلينا إنما تؤكد أننا ننساق في التقليد الاعمي دون تفكير أو تحليل أو تمييز. الاخبار