فاروق جويدة: أستاذ هيكل..وحشتنا 

قضيت أيام العيد فى الساحل الشمالى وهى منطقة من أكثر مناطق مصر جمالا وثراء..اختلف الساحل الشمالى هذا العام عن كل الأعوام السابقة كان أجمل ما فيه لقاءاتى مع كاتبنا الكبير محمد حسنين هيكل..

 

لأول مرة المكان بغير صاحبه وما قيمة الأماكن حين يغيب أصحابها..كنت اعتدت طوال السنوات الماضية ان اجلس بالساعات مع الأستاذ هيكل فى بيته على شاطئ قرية الرواد نتحاور ونتكلم ونتجادل وكان هيكل فى سنواته الأخيرة قد صهرته تجارب الحياة والزمن وتخلص من هموم المناصب وان بقى بريقه اكبر من كل المناصب..

 

مررت على قرية الرواد هناك أعواما طويلة وهو يسكن هذا المكان وكان يحبه كثيرا وأدركت ان الأماكن تحزن على أصحابها فما بالك اذا كان هذا الصاحب بهذه القيمة وهذا التاريخ وهذا الحضور الطاغى ربما غاب عن المكان ولكن هناك ملايين القلوب التى أحبته واختلفت معه وعاشت مع فكره وبريقه ومشواره الطويل..ها هو هيكل يغيب عن المكان فماذا تساوى الأماكن حين يخبو ضوء أصحابها فى رحلة الحياة..

 

كنت أزوره طوال موسم الصيف وهذا العام شعرت بافتقاد شديد للأستاذ هيكل الصديق والاستاذ والقيمة والدور ما أصعب هذه الحياة حين تحرمنا من أشخاص شكلوا وجداننا وأضاءوا عقولنا..اختلف الناس حول فكر هيكل ومواقفه وتاريخه السياسى وان بقى انه كاتب من طراز فريد وسياسى صاحب تجربة غير مسبوقة..وقبل هذا كله هو رجل صنع أسطورته بنفسه وكتبها سطراً سطراً..

 

افتقدت الأستاذ هيكل رغم انه الغائب الحاضر ولكننى تساءلت مع نفسى والأهرام يصدر أول كتاب فى سلسلة مقالاته بصراحة عن مركز الأهرام للترجمة..هل يعقل ان يصدر الكتاب ويحتويه كل هذا الصمت اين الحواريون والتلاميذ الذين شاركوا هيكل مشواره الطويل..

 

تعجبت من ردود الأفعال وهيكل فى رحاب خالقه..هل هو النسيان ام الجحود أم أعباء الحياة التى جعلت الإنسان يتخلى عن كل شىء حتى ذكرياته..

 

لم يحتفل احد بكتاب هيكل ولو كان على قيد الحياة لكانت الاحتفالات تغمر كل الإعلام المصرى هل هو النسيان وهل هيكل الشخص والفكر الذى ينسى..مررت أمام قرية الرواد فى الساحل الشمالى وشعرت ان هيكل لم يغادرها وصافحته بحرارة..استاذ هيكل وحشتنا.. نقلا عن صحيفة الاهرام