ترامب على خطى ريغان

 

قد يفاجأ العرب بدونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، هذا أمر محتمل وقوعه، بخاصة أن التطرف يعد أكبر وسيلة للوصول إلى البيت الأبيض في مثل هذه المرحلة، والتطرف هنا يتمثل في العداء للمسلمين وللدين الإسلامي، بشكل عام، حيث خلق دونالد ترامب خلال حملاته الانتخابية الأخيرة حالة من التشكيك في كل ما له صله بالإسلام والمسلمين.

الكثير يتوقع أن تكون المعركة الانتخابية المقبلة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، ساخنة جداً، وعلى الرغم من أن هؤلاء يرون أن كلينتون تعد الأقرب للوصول إلى البيت الأبيض، قياساً بمواقفها المعتدلة إلى حد ما في القضايا المتصلة بالعرب والمسلمين، وإن كانت مواقفها تجاه «إسرائيل» لم تتغير ولن تتغير، إلا أن مفاجآت يمكن أن نلمسها في الأشواط الأخيرة في هذه المعركة، وقد نجد ترامب في البيت الأبيض يتسلم الراية من الرئيس الحالي باراك أوباما.

لعبة الانتخابات الرئاسية في أمريكا لها طابع خاص، ورأينا كيف أن شخصيات وصلت إلى سدة الرئاسة، وهي عديمة الثقافة والخبرة في السياسة، تماماً كما هو الحال لدى رونالد ريغان وجورج بوش الابن، ووفق هذه المعادلة فإنه ليس بمستغرب أن يكون ترامب واحداً من المرشحين الذين لم يكن يتوقع لهم أحد أن يصلوا إلى هذه المرحلة المتقدمة من التصفيات النهائية للحصول على تفويض الحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض.

ربما جاء ترامب في وضع يشهد فيه العرب والمسلمون الكثير من الانقسام على المستويات كافة، بخاصة في حروبهم الداخلية، فالعراق وسوريا واليمن وليبيا تشهد حروباً يخوضها الكل ضد الكل، وقدمت تنظيمات إرهابية مثل «داعش» و«القاعدة» وغيرهما الكثير، صورة سيئة عن طبيعة الحروب الداخلية في البلاد العربية، ورأينا العديد من العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيمان، استهدفت أوروبا، وأودت بحياة المئات من الأبرياء، كان أشدها في بلجيكا وفرنسا، كما أن تنفيذ الإعدامات من قبل التنظيمين وتباريهما في تقديم أسوأ النماذج للتعايش بين الأديان، كان له الأثر البليغ في نظرة الناس نحو الإسلام في أمريكا، وغير أمريكا.

لهذا لم يكن غريباً أن تستند حملات ترامب الانتخابية إلى هذا التاريخ الأسود من الإرهاب الذي ترتكبه مثل هذه الجماعات المتطرفة، بخاصة في الفترة الأخيرة التي ارتفعت خلالها نبرة الصراعات الطائفية والمذهبية في أكثر من بلد عربي، ولعل ما يحدث اليوم في العراق وسوريا أكبر دليل على أن بعض المسلمين اختاروا أسوأ الطرق، وأكثرها رعباً ودموية، في إطار صراعاتهم الداخلية.

ربما يساعد بعض المسلمين دونالد ترامب على الوصول إلى البيت الأبيض، فال«فوبيا» من الإسلام يعد السلاح الوحيد الذي يلعب عليه ترامب في كل حملاته الانتخابية للوصول إلى مبتغاه، ولن يتمكن المسلمون من إعادة ضبط علاقاتهم بالعالم قريباً، لأن بعضهم اختار طريقاً يستحيل أن يتفهمه الناس في العالم المتحضر، ولو لعقود قادمة.

صادق ناشر

Sadeqnasher8@gmail.com